الثلاثاء، 27 يناير 2015

ارسطو




بداية ..
 الموضوع سرد تاريخي عن ارسطوو ..

ولد في مدينة اسطاغيرامقدونيا سنة 384 ق.م،

وكان والده نيكوماخوس طبيباً لدى الملك أمينتاس الثالث  جد الاسكندر الأكبر، وقد ترك أرسطو مقدونيا إلى أثينا في السابعة عشرة من عمره لينال تعليمه والتحق فيها باكاديمية افلاطون  وقد استمر في الأكاديمية نحواً من عشرين سنة قبل أن يغادر اثينا في 348 ق.م.
بعد وفاة أفلاطون سنة 347 ق.م. ارتحل إلى آترنيوس إحدى المدن اليونانية في آسيا الصغرى، حيث تزوج شقيقة حاكمها هرمياس، وما هى إلا ثلاث سنوات وبعد إقامة قصيرة في جزيرة لسبوس، حتى تلقى دعوة من الملك فيليبوس المقدوني ليكون معلم ابنه الذي أصبح فيما بعد الاسكندر الكبير. وقد لازم أرسطو الاسكندر صديقاً، ومعلماً، ومستشاراً حتى قام سنة 334 ق.م بحملته الحربية الآسيوية، ومما يروى أن الاسكندر كان يرسل من البلدان التي يمر فيها نماذج من نباتاتها وحيواناتها إلى استاذه مساهمة منه في زيادة اطلاعه، وتسهيل ابحاثه ودراساته ، ومن هنا استطاع أرسطو ان يؤسس مايعتبر اول حديقة حيوان في العالم .
في أثينا سنة 332 ق.م، افتتح أرسطو مدرسة لوقيون . وقد عرف اتباعه بالمشائين لان أرسطو كان من عادته ان يمشي بين تلامذته وهو يلقي عليهم الدروس . وظل يدير مدرسته 13 عاماً .
على الرغم من عداوة الاثينين لمقدونيا التي استعبدتهم . اجتذبت مدرسة أرسطو الكثير من التلامذة ، وامست مركزاً للابحاث البيولوجيه والتاريخيه، والشئون الحكومية والاداريه، ولم يكن ثمة موضوع يناقش في أيام أرسطو لم يتطرق اليه في مدرسته، او في كتبه ، ويجلوه ويوضحه،ومن أشهر مؤلفاته " أورغانون،السياسة،فن الشعر، المنطق تاريخ الحيوانات ، وعلم الفلك .


إله أرسطو,..متحرك لايتحرك..

 إله أرسطو لا يفعل شيئا أبدا ، و ليست له رغبات ، و لا إرادة و لا هدف ،و هو (( حيوية خالصة ، لدرجة أنه لا يعمل أبدا ،و هو كامل كمالا مُطلقا ؛ لذلك ليس بمقدوره أن يرغب بأي شيء ؛ فهو لا يفعل شيئا ، و عمله الوحيد هو التفكر في جوهر الأشياء ... فإن وظيفته الوحيدة هي التفكر في ذاته ) لا يفعل شيئا أبدا ، و ليست له رغبات ، و لا إرادة و لا هدف ،و هو (( حيوية خالصة ، لدرجة أنه لا يعمل أبدا ،و هو كامل كمالا مُطلقا ؛ لذلك ليس بمقدوره أن يرغب بأي شيء ؛ فهو لا يفعل شيئا ، و عمله الوحيد هو التفكر في جوهر الأشياء ... فإن وظيفته الوحيدة هي التفكر في ذاته )
و المحرك الذي لا يتحرك متصف بالكمال لكنه خالٍ من القوة و ما تنطوي عليه من قابلية التحرك أو الصيرورة ، فهو المحرك الذي لا يتحرك، لأنه لو كان ينطوي على أي قدر من القوة لامكن انقطاع الحركة ،و هو محال ، فأوجب وجود محرك لا يتحرك ، حرّك المتحرك الأزلي الذي هو السماء الأولى

نشأة الكون و مكوناته في فلسفة أرسطو

اتخذ أرسطو مواقف فلسفية عديدة أوقعته في أخطاء و انحرافات منهجية فاحشة و كثيرة ؛ بعضها يتعلق بنشأة الكون و مكوناته ، و بعضها يتعلق بطبيعة العالم ، فهل هو أزلي أو مخلوق ؟ . و منها ما يتعلق بالعناصر المكونة للكون ،و بعضها الآخر يتعلق بألوهية العقول و الأجرام السماوية ،و الغاية من الوجود
كان أرسطو يقول بأن العالم باقٍ لا يزول، و أن (( الشمس تستمر في دورانها على الحالة التي نشاهدها ، كما هي كذلك قديما )) . والأفلاك لا تقبل الفساد و لا تتخرب.و السماء عنده ليست مُكوّنة و لا مُولدة ، و لا يمكن أن تقع تحت الفساد كما قال بعض الناس ،و لكنها (( لا مبدأ لها و لا منتهى في الدهر كله ، و هي علة الزمان ، الذي لا نهاية له مًحيطة به )) ، فالسماء دائمة غير واقعة تحت الفساد و الفناء .

و الكون عند أرسطو أزلي واجب الوجود ، لا بداية له و لا نهاية ، و كما هو أزلي في مادته فهو أزلي أيضا في حركته ،و المحرك الذي لا يتحرك هو محرك الحركة الأولى الأزلية . و زعم أنه استبان له و صح عنده- بناء على مقدماته- أن السماء غير مصنوعة و لا مكونة ، و أنها دائمة. و العالم قديم بمادته ،و صورته ، و حركته ، و أنواع موجوداته ،و لا يفسد فيه إلا أفراد أنواعه . فهو كله أزلي لا بداية له و لا نهاية  . الأجرام السماوية لا تخضع للتكَوّن و لا الفساد ، فاستحال عليها الحدوث ،أو التغير ، أو التلاشي ،و هي تدور في أفلاكها دورانا أزليا لا يطرأ عليها خلل قط.


 العناصرالخمسة المكونة للعالم عند أرسطو :
يعتقد أرسطو أن العالم مُكوّن من خمسة عناصر أزلية بسيطة التكوين، منها أربعة مُكونة لعاَلم ما تحت فلك القمر- العالم الأرضي- ، و الخامس مُكوّن لعاَلم ما فوق فلك القمر- العالم السماوي .
ففيما يخص العناصر الأربعة فهي عند أرسطو تتمثل في : التراب، و الماء، و الهواء ، و النار ،و هي جواهر بسيطة ، و مضادات قابلة للصيرورة و التحول ، لكنها غير قابلة للتحلل إلى عناصر أبسط منها ، تتكون منها جميع الكائنات الأرضية  . و أنكر أرسطو على الطبيعيين القائلين بأن الأجسام مكونة من مادة واحدة معينة ، و خطأهم لأن قولهم-حسب رأيه- يُمايز العناصر جوهريا ،و يجعلها مُتمايزة بالعَرَض فقط ، كالشكل ، و الحجم . لكن الملاحظة-حسب أرسطو- تدل على أنها تتباين بالخصائص و ليس بالأعراض ، كما أن العقل يدل على أن الاختلاف في العرض لا يُحدث اختلافا في الجوهر.

و رتب أرسطو تلك العناصر في عالم الكون الفساد- ما تحت فلك القمر- كالآتي : النار أعلاها , و التراب أسفلها ،و الهواء و الماء بينهما ، و يتصلان بهما هكذا: الهواء مُتصل بالنار، و الماء مُتصل بالتراب-الأرض- ،و الهواء و الماء كل منهما متصل بالآخر.

و أما العنصر الخامس فهو عند أرسطو عنصر بسيط ، لا يقبل الفساد و لا التكوّن ، لأنه لا ضد له ، و يسمى الأثير ، و مادته هي المكونة للأجرام السماوية . و هو يٌقابل العناصر الأربعة

في عالم الكون و الفساد ، لكن مادته تختلف عن مادتها ، لأنه جسم لا ضد له ، لذا فهو لا يتغير و لا يفسد ، بمعنى انه أزلي و لا يقبل التحولات التي تحدث للعناصر الأربعة في عالم الكون و الفساد.

و زعم أرسطو أن العناصر الأربعة مُكَوّنة من مادة سماها : الهيولى . و هي-حسب زعمه- موضوع غير معين في نفسه ، و أزلية حاملة لتلك العناصر ،و لا تُوجد مُفَارقة مُنفَصلة إلا في الذهن ، و لكنها توجد دائما متحدة في صورة ما بالجسم الذي تدخل في تركيبه . و هي ليست ماهية ،و لا كمية ، و لا شيئا داخلا في المعقولات التي هي أقسام الوجود . و لكنها قوة صرفة لا تُدرك في ذاتها،و إنما نضطر لوضعها ، و ندركها بالمماثلة كما ندرك الخط شيئا بغير صورة ، لأنه تارة يكون في صورة ، و طورا يكون في أخرى.

و تلك الهيولى هي في الحقيقة ليس لها وجود فِعلي مُستقل عن العناصر الأربعة و الأجسام التي تدخل في تركيبها ؛ فهي ليست من الموجودات ، و إنما (( هي تكتسب صفة الوجود لدى اتحادها بإحدى الكيفيات الأربع ، و هي : الحار ، و البارد ، و الرطب ،و الجاف ، التي يُقابلها : النار ، و الماء ، و الهواء ، و التراب . فتُصبح حينئذ أحد هذه الأجسام البسيطة )) . و قد أشار أرسطو إلى أن الهيولى لها شبه وجود ، فهي ليست عدماً، و ليست موجودا مركباً ، لكنها قريبة منه. و بمعنى آخر فهي مادة لا وجود لها بالفعل ، بل لها وجود بالقوة و حسب ، فهو عدم نسبي ،و ليس عدما محضا ؛ لكنها تستمد وجودها الفعلي من الصورة التي تتجوهر بها ، فتصبح بذلك لها القابلية للوجود . و لهذا فإن الصورة عند أرسطو هي الوجود الفعلي و ليست المادة ، لأن الصورة جوهر الشيء و ماهيته ،و سابقة للمادة .

و تلك المادة عند أرسطو هي المكونة لطبيعة الموجودات الطبيعية ، كمادة الخشب التي هي مادة الأشياء الخشبية ، و مادة البرونز التي يستمد كل شيء برونزي مادته منها كالتمثال البرونزي مثلا . و هي مادة ثابتة لا شكل لها ،و تبقى في (( كل حالة كما هي في ذاتها بلا تغير )) . و على أساس تلك المادة تحدث عملية التكوّن و الفساد ،و يحب أن تتوفر فيها أربعة عوامل ، أو علل و أسباب ، هي: المادة ، و الصورة ، و الفاعل و الغاية .
و المادة عند أرسطو لها وجودان : وجود بالقوة ، و وجود بالفعل ؛ الأول ليس وجودا بالمعنى الأصيل ، لكنه يختلف عن العدم المحض ، و الثاني هو الوجود الحقيقي للمادة حسب الصورة التي تظهر بها. و حسب أرسطو أن الآراء التي خالفته في قوله بالوجودين ، هي آراء عاجزة عن تفسير ظاهرة الصيرورة ، أو التغير في الكون ، و هي أخص ما يتميز بها عالمنا . و عليه فإنه : يستحيل تأويل هذه الظاهرة ما لم نُقر بأن بين الوجود و العدم طوراً ثالثا، و هو طور القوة ، أو الإمكان ، و إلا لم يكن بين الممكن و الممتنع فرق ، فأمكن للشيء أن ينبثق عن المُمتنع ،و امتنع له أن ينبثق عن المُمكن ، و هو مُحال، و لكان الحدوث أو التغير على سبيل الطفرة،و هو ما تُكذبه المُشاهدة ))


 أرسطو وألوهية العقول و الأجرام السماوية:
كان أرسطو يعتقد بتعدد الآلهة و يُسميها عقولا ، و يزعم أن عالم ما فوق فلك القمر-الأجرام السماوية- كلها ذات طبيعة إلهية . و تفصيل ذلك هو أنه قال بوجود عقول في العالم العلوي، و هي جواهر و محركات ، و عقول أزلية مفارقة للمادة ،و ليست هيولانية . و قد وصف العقول العشرة بأنها آلهة ،وهي خارجة عن الزمان ،و لا يُؤثر فيها . و جعل عددها يُساوي عدد الحركات و الكواكب، آخرها العقل الفعال ، الذي يُحرك فلك القمر . و هي محركات الأجرام السماوية و الطبيعية ، تحركها حركة أزلية دائمة .


 حركة الكون في فلسفة أرسطو:

زعم أرسطو أن الإله هو الذي حرّك العالم بواسطة الفلك المحيط ،و العقول الإلهية المحركة للأجسام السماوية ، حرّكه بحركة أولى أزلية. و قد تحرك بالاضطرار من المحرك الأول. و الإله عند أرسطو غير مُنشغل بالعالم ، فهو منشغل بتأمل ذاتي لا نهاية له ، لذا فهو حرّك العالم كما يُحرك المحبوب محبه من دون قصد منه. و لم يكن تحريكه علة فاعلة عن قصد و اختيار من الإله ،و إنما كان علة غائية بالنسبة للكون . فالإله يُحرك دون أن يتحرك كما يُحرك المعشوق عاشقه من دون أن يتحرك ؛ فالإله هو المعشوق يُحرك معشوقه عن طريق العشق . و بمعنى آخر أنه حرّك العالم على نحو ما تحركنا الأشياء المُشتهاة و اللذيذة ،و لاسيما المعقولة، من دون أن تتحرك هي.

 تلك الحركة ليست حادثة ،و لا تفنى و لا تفسد ، و هي متصلة الحركة و الزمان ، فزمانها مُتصل أزلي ،و لا يُمكن تصور بداية لزمانها ، لأن كل توقف يستلزم زمانا قبله ،و هكذا . فهي حركة أزلية متصلة و واحدة ، لا بداية لها ،و غير مُمكن أن تكون لها بداية. و حركة السماء الأولى مستوية بدرجة واحدة لا اختلاف فيها من حيث الشدة و الضعف ، فلو كانت مختلفة لظهر لنا آثار ذلك ،و لو كانت كذلك لتباعدت الكواكب عن بعضها في طول الدهر

اخيرا...
هل نجد لإلهيات أرسطو( ت 322 ق م ) مصادر و أصولا في التراث الفكري المعاصر لأرسطو و السابق له ، أم لا نجد لها ذلك ، لأنها من نتاج فكر أرسطو وحده فقط ؟ . و هل كان أرسطو يذكر مصادره المتعلقة بالإلهيات ؟ ،وإذا كان استفاد من فكر غيره في الإلهيات ، ففيما تمثل ذلك،و إلى أي حد بلغ ؟ . هذا التساؤلات و غيرها ستتضح أجوبتها فيما يأتي من مبحثنا هذا .
ففيما يتعلق بقول أرسطو بالمحرك الذي حرك العالم ،و قوله بتعدد الآلهة و ألوهية الأجرام السماوية ، فإن أقواما ،و بعض الفلاسفة المتقدمين قد سبقوه إلى القول بنفس قوله ، أو بما يقاربه جدا . منهم : أكسينوفانس ( ق: 5 ق م ) قال بأن الإله حرّك العالم من دون أن يتحرك . و قال أفلاطون ( ت 347 ق م ) : إن الإله هو المحرك الذي حرك الحركة الدائرية للعالم.

و اعتقد السومريون بتعدد الآلهة ، و زعموا أنها تسكن في الكواكب و النجوم . و قال البابليون بتعدد الآلهة، و قد سجلت ذلك ملحمة جلجامش البابلية ( ما بين: 1950-1550 ق م ) نصت على تعدد الآلهة،و عبادتها ،و خدمتها، من دون ذكر للمعاد الأخروي ، و هذا فيه تشابه كبير مع إلهيات أرسطو و قومه عامة فيما يتعلق بتعدد الآلهة و عدم القول بالمعاد الأخروي .

و أَلّهَ قدماء المصريين كثيرا من مظاهر الطبيعة ،و عبدوها ، منها عبادة السماء، و الشمس ، و القمر ،و غيرها من الأجرام السماوية . و ألّه الكلدانيون الأجرام السماوية ،و عنهم أخذه اليونان و العرب . و قد أشار أرسطو نفسه إلى أن الكلدانيين قالوا بألوهية الكواكب.
و نفس الأمر ينطبق على اليونانيين فاعتقدوا أن كل ما هو سماوي، فهو إلهي ، و قد ورد في ملحمة أسطورية يُونانية - تعود إلى القرنين : 8، و 7 قبل الميلاد- ، ورد فيها ذكر لتعدد الآلهة، و أنها أزلية كلها ، أروعها الإله البديع أيروس . و ألّهوا مختلف مظاهر الطبيعة العلوية السفلية و عبدوها ، كالسماء ، و الأرض . و عندما قال أرسطو بألوهية العقول المفارقة أشاد بأجداده اليونانيين الذين قالوا بأُلوهية الأجرام السماوية .
و من فلاسفة اليونان الذين قالوا بذلك : الطبيب اليوناني ألقمايون ( ق: 5 ق م )، فقد قال بألوهية الأجرام السماوية . و قال فيثاغورث ( ق:6 ق م ) بأن الأجرام السماوية كلها آلهة . و قال بتعددها أيضا أكسينوفانس ( ق: 5 ق م ) . و قال أفلاطون بتعدد الآلهة، منها آلهة علوية، و أخرى متوسطة ،و أخرى سفلية.
و فيما يتعلق بالجواهر المفارقة التي قال بها أرسطو ، فهي نفسها العقول الأزلية الإلهية ،و هي ذاتها الآلهة التي أشرنا إليها أعلاه ، و قد أكد ذلك ابن رشد الحفيد  . و قد قال بها أفلاطون في زعمه بأن الإله عندما صنع العالم جعل في كل كوكب من الكواكب نفسا تحركه و تديره، و هي نفوس إلهية عاقلة خالدة .
و أما بالنسبة لقول أرسطو بأزلية العالم و العناصر المكونة له، و الحركة المحركة له، و ،و إنكار الخلق من عدم ؛ فقد سبقته إلى القول بذلك طائفة من فلاسفة اليونان . فقال طاليس بأن العالم أزلي لا أول له و لا آخر ،و أنه على حاله دون تغيير في جميع أزمنته . و قال بذلك أيضا أنكسيمندرس ق: 6 ق م ) ،و أنكسيمنيس ( ق: ق 6 ق م ) ،و هرقليطس (ق: 5 ق م ) ، و الفيثاغوري فيلولاس الكروتوني-كان معاصرا لأفلاطون- ، و بارمانيدس ( ق: 5 ق م ) ، و أمبادوقليس(ق: 5 ق م) ، و أكسينوفانس (ق: 5 ق م ) . و قال أنكسمينيس ( ق: 6 ق م ) ، و أنكسيماندرس (ق: 6 ق م ): أن الحركة المحركة للعالم و المُسيرة له ، هي حركة أزلية.
و عن الخلق من عدم ، فقد أنكر فلاسفة اليونان القول بالخلق من عدم ، منهم : لوقسيس ،و تلميذه ديموقريطس ،و أفلاطون، و أمبادوقليس ، فكانوا يرون استحالة حدوث ذلك الخلق. و نحن قد ذكرنا مبررهم عندما ناقشنا أرسطو في قوله بذلك،و بينا خطأه فيه .

و قال بالعناصر الأربعة المكونة للعالم ( النار ، و الهواء ، و الماء ، و التراب ) طائفة من فلاسفة اليونان- قبل أرسطو- ، منهم : فيثاغورث ، و أمبادوقليس (ق : 5 ق م )  ، الذي قال أيضا بالعنصر الخامس الذي هو الأثير، و قد سماه الأثير الإلهي ،و قد حكاه عنه أرسطو في كتاب النفس ، و أشار إلى أنه هو أول من تحدث عن العناصر الأربعة. و منهم أيضا : أفلاطون ، و أكسينوفانس الذي كان يقول بعنصرين فقط ، هما: التراب و الماء .
و أُشير هنا إلى الصينيين القدماء قالوا بالعناصر الأربعة ،و أضافوا إليها عنصرا خامسا هو الخشب . ، الذي يتفاعل مع العناصر الأخرى على أساس التضاد الموجود بينها .
و الذين قالوا بتلك العناصر – قبل أرسطو - أشاروا إلى أنها تتفاعل فيما بينها على أساس التضاد الموجود بينها، و بذلك تظهر الموجودات و تختفي على أساس ذلك التفاعل . و قد أشار إليه الصينيون ،و أمبادوقليس، و أنكسامندرس ،و غيرهم .

و فيما يخص المادة الأولى المكونة للعالم التي قال بها أرسطو ،و المعروفة باسم الهيولى ، فقد قال بها أنكسيماندرس ( ق: 6 ق م ) قبله ، و زعم أنها مادة الكون الأولى أزلية لا نهائية ،و لا متعينة كيفا ،و لا محددة كماً ،و هي مادة بلا صفات ، و هي هلامية قابلة للتكون و التشكل حسب الأنواع لأن الفرق بينها هو فرق كيفي ،و لو كانت مُحددة لكانت (( اُستنفدت منذ فترة طويلة في خلق العوالم المتعددة و فنائها )) .


تلك هي أهم أصول إلهيات أرسطو ،




توفي الاسكندر سنة 323ق.م،ووقعت حكومة اثينا بين ايدي أعداء المقدونيين " وأرسطو من انصار المقدونيين " فدبر له اعداؤه تهمة الإلحاد . فخشي الاضطهاد والمصير الذي آل اليه سقراط من قبله فهرب إلى مدينة خلسيس حيث اصيب بمرض بعد ذلك بسنةحيث اصيب بمرض بعد ذلك بسنه فمات في سن الثالثة والستين . سنة 322 ق.م .

الأحد، 18 يناير 2015

الشمس ..نجمنا العملاق


  هي النجم المركزي للمجموعة الشمسية.
وهي تقريباً كروية وتحوي بلازما حارة متشابكة مع الحقل المغناطيسي.يبلغ قطرها حوالي 1,392,684 كيلومتر،
وهو ما يعادل 109 أضعاف قطر الأرض
وكتلتها 2×1030كيلوغرام وهو ما يعادل 330,000 ضعف من كتلة الأرض وتشكل نسبة ما يتراوح إلى 99.86 % من كتلة كل المجموعة الشمسية.

من الناحية الكيميائية يشكل الهيدروجين ثلاث أرباع مكونات الكتلة الشمسية، أما البقية فهي في معظمها هيليوم مع وجود نسبة 1.69% (تقريباً تعادل 5,628 من كتلة الأرض) من العناصر الأثقل متضمنة الأكسجين والكربون والنيون والحديد وعناصر أخرى.

تنتمي الشمس وفق التصنيف النجمي على أساس الطبقات الطيفيةإلى الفئة G2V.ويعرف بأنه قزم أصفر، لأن الأشعة المرئية تكون أكثر في الطيف الأصفر والأخضر. وتبدو من على سطح الكرة الأرضية ذات لون أصفر على الرغم من لونها الأبيض بسبب النشر الإشعاعي للسماء للون الأزرق..
على أي حال وفق التصنيف النجمي، يشير الرمز G2 إلى درجة حرارة السطح والتي تصل تقريباً إلى 5778كلفن، بينما يشير الرمز V إلى أن الشمس هي نجم من النسق الأساسي. ويعتبره علماء الفلك بأنه نجم صغير وضئيل نسبياً، ويعتقد أن الشمس ذات بريق أكثر من 85% من نجوم مجرة درب التبانة، لتشكل أقزام حمراء معظم نجوم هذه المجرة
يبلغ القدر المطلق للشمس +4.83، وكنجم أقرب إلى الأرض فإن الشمس هي أكثر جرم لمعاناً في سماء الأرض مع قدر ظاهري −26.74.
 تتمدد هالة الشمس بشكل مستمر إلى الفضاء مشكلةً ما يعرفبالرياح الشمسية وهي عبارة عن جسيمات مشحونة تمتد حافة الغلاف الشمسي والتي تصل إلى حوالي 100 وحدة فلكية، ويمتلئ الوسط بين النجمي بالرياح الشمسية. يشكل الغلاف الشمسي أكبر بنية متصلة في المجموعة الشمسية.


حرارتها عند السطح فتبلغ 6000 درجة مئوية. ـ قام العلماء باحتساب عمر الشمس تقديرياً فبلغ عام 1989 حوالي 4,50 مليار سنة.
 الشمس بالقرب من ذراع داخلي لمجرة درب التبانة يدعىذراع الجبار، ضمن السحابة البين نجمية المحلية أو سحابة الحزام. ويفترض أنها تبعد عن مركز المجرة من 7.5-8.5 فرسخ فلكي (ما يعادل 25000-28000 سنة ضوئية)
وهي محتواة ضمن الفقاعة المحلية وهو وسط من الغازات الساخنة المخلخلة والمحتمل نشوءه بسبب بقايا مستعر أعظم التوأمان.
يبعد الذراع المحلي عن أقرب ذراع خارجي له وهو ذراع حامل رأس الغول حوالي 6500 سنة ضوئية




يعتقد أن مدار الشمس حول مركز المجرة بأنه قريب من شكل قطع ناقص مع بعض التشوهات نتيجة لعدم تجانس توزع كتل الأذرع الحلزونية للمجرة. بالإضافة إلى أن الشمس تتحرك حركة تذبذبية للأعلى والأسفل بالنسبة لمستوي المجرة وتتم هذه الحركة حوالي 2.7 مرة في كل دورة مدارية. أُقترح أن الشمس قد مرت خلال ذراع مجري ذو كثافة أكبر مما تسبب في انقراضات جماعية على الأرض، بسبب زيادة الاصطدامات.
تستغرق الدورة المدارية الواحدة للمجموعة الشمسية حوالي مليار سنة (سنة مجرية)،

لذلك يعتقد أن الشمس ستكمل 20-25 دورة مدارية خلال حياتها. تبلغالسرعة المدارية للمجموعة الشمسية لحركتها حول مركز المجرة حوالي 251 كمم / ث
تستغرق المجموعة الشمسية 1190 سنة للسفر سنة ضوئية واحدة ضمن مجال السرعة هذا أو 7 أيام للسفر مسافة وحدة فضائية 

الانفجارات الشمسية...



للشمس دورة نشاط شبه منتظمة تبلغ ذروتها كل 11 سنة، فتطلق كمية من الطاقة المغنطيسية المخزّنة في غلافها الجوي، والتي تشمل أشعة إكس والأشعة ما فوق البنفسجية ذات الطاقة العالية، وأشعة غاما، والأشعة ما تحت الحمراء، والأشعة المرئية وغيرها. إطلاق هذه الطاقة هو ما يعرف بالإنفجار الشمسي، وهو يعادل إنفجار عشرات الملايين من القنابل الهيدروجينية، وتبلغ مساحته على قرص الشمس أكثر من مليون كيلومتر مربع.
ولمّا كانت ذروة الدورة الحالية للشمس متوقّعة العام 2013، فقد كان من الطبيعي أن يزداد نشاطها، وهذا ما أدى الى الإنفجار الشمسي في آذار الماضي الذي صنّف على مقياس الانفجارات الشمسيّة بقوّة «إكس 5.4»، وأدّى إلى بعث صدمة إلكترونية محمّلة بشحنات بسرعة تفوق 4 ملايين كلم في الساعة.

التأثير على الأرض
يؤكّد الفلكيون أنه لا خطر على البشر من الإنفجار الشمسي. وهم يوضحون أن مفاعيل الإنفجار تصل إلى الأرض بأوقات متفاوتة ولها تأثيرات مختلفة عن بعضها البعض. فأوّل ما يصلنا عند حدوث انفجار هو ازدياد في الطيف الكهرومغنطيسي للشمس، الذي يشمل الأشعة الراديوية وتحت الحمراء والمرئية وفوق البنفسجية وأشعة إكس وأشعة غاما. وينتج عن أشعة إكس التي تصل إلى الأرض بعد ثماني دقائق فقط، زيادة مفاجئة لنسبة الأيونات في طبقات الجو العليا من طبقة الأيونوسفير (والتي يراوح ارتفاعها ما بين 85 و 700كلم) ما يؤدي إلى حدوث اضطرابات في البث والإتصالات، إضافة الى التشويش في الإتصالات الراديوية ذات الموجات القصيرة المستخدمة في بعض مجالات الملاحة. فإذا كانت العاصفة شديدة، قد تفقد الطائرات والبواخر التي تستخدم هذه الموجات الاتصال لعدّة ساعات. 
ومن آثار الانفجار الحاصل على الشمس، تسخين الجزئيات بما فيها البروتونات والإلكترونات والنوى الثقيلة، وتسارعها في الغلاف الجوّي للشمس بحيث تصبح ذات طاقة عالية جدًا تفوق عشر مرّات الطاقة المنبعثة من بركان متفجّر. تصل هذه الجزئيات إلى الأرض بعد حوالى ساعة إلى ساعتين من الانفجار ويستمر تدفقّها لعدة ساعات. وبسبب طاقتها العالية فهي تصل إلى الأقمار الإصطناعية، ما يؤدي إلى إحداث شحن كهربائي ثنائي الأقطاب، يقصّر العمر الافتراضي للمكونات الإلكترونية الداخلية للقمر الإصطناعي. 
وهناك مخاطر أخرى لأشعة إكس والأشعة ما فوق البنفسجية على الأقمار الإصطناعية المنخفضة الارتفاع فوق سطح الأرض، إذ تؤدّي إلى حدوث تغيير في كثافة حرارة طبقات الجو العليا، ما يؤثّر على مدارات هذه الأقمار ويؤدي في النهاية إلى خروجها عن مداراتها الأساسية وسقوطها على الأرض بفعل الجاذبية، كما حدث للقمر الفضائي «سكاي لاب» العام 1989.
وتظهر الآثار الأخيرة للإنفجار الشمسي بعد يوم أو يومين من حدوثه، حيث تقذف الشمس كمية هائلة من مادتها هي عبارة عن غاز مؤيّن يحتوي على مجالات مغنطيسية. وعندما تصطدم هذه الكتلة بالأرض، تسبب اضطرابًا في المجال المغنطيسي الأرضي، تطال آثاره البوصلة والشبكة الكهربائية، حيث تتكوّن تيارات كهربائية عالية في خطوط التوتّر العالي، قد تزيد الضغط الكهربائي على الشبكة وتؤدي إلى انقطاع التيار، كما يمكن أن تسبّب احتراق المحوّل الرئيس للشبكة. إلا أن هذه المخاطر الرئيسة محصورة في المناطق القريبة من الأقطاب، مثل شمال أوروبا وشمال آسيا وشمال أميركا. والمثل على ذلك، الإنفجار الذي حصل العام 1989، وكان أقوى خمس مرات من الانفجار الحالي حيث أدّى الى قطع الكهرباء لمدة 7 ساعات في كندا. 

التأثير في الفضاء
يوضح الخبراء أن لا علاقة بين الانفجارات الشمسية ودرجة الحرارة على سطح الأرض، فهذه الإنفجارات لا تؤدي إلى ازدياد في درجة الحرارة. أما خطر تأثيرها المباشر فيهدّد روّاد الفضاء ومعداتهم، في أثناء سفرهم في الفضاء الخارجي، وذلك أن قذف البروتونات بطاقة وسرعة عاليتين، يترك آثارًا سلبيّة على صحّة الانسان تؤدّي الى الهلاك.

الشفق القطبي
في مقابل الآثار السلبية، يسجّل الفلكيون ناحية إيجابية للإنفجار الشمسي، وهي فرصة رؤية الظاهرة الفلكية المعروفة بالشفق القطبي. فالشحنات المنبعثة من الشمس تتدفّق أمام غلاف الأرض المغنطيسي، وتتفاعل مع الحقل الجيومغنطيسي فتعمل كمولّد كوني ينتج ملايين الأمبيرات من التيار الكهربائي، يصبّ جزء منه في الغلاف الجوي العلوي للأرض الذي يضيء مثل إنبوب نيون لخلق توهّج في الشفق القطبي، فتظهر تشكيلات لونية رائعة جدًا. ولا يمكن رصد هذه الظاهرة سوى في قطبي الأرض الجنوبي والشمالي. 

حوادث وأضرار
خلّفت الانفجارات الشمسية والعواصف المغنطيسية في العقود السابقة أضرارًا تمّ رصدها من قبل الخبراء والفلكيين، ومن بينها تعطيل هواتف وشبكات كهربائية وكابلات التلغراف في الولايات المتحدة وكندا في آذار 1940، وشباط 1958. إضافة إلى انقطاع الاتصال بالقمر الإصطناعي GOES-4 الأميركي (والذي كان يقوم برصد السحب بالأشعة المرئية وتحت الحمراء) لمدة 45 دقيقة، بعد حدوث انفجار عنيف من النوع البروتوني في تشرين الثاني 1982. أما الضرر الأكبر فوقع في آذار 1989 حين أدّت عاصفة مغنطيسية قاسية إلى فقدان عشرين ألف ميغاوات كهرباء في الشبكة الكهربائية في ولاية كيبك وانقطاع الكهرباء عن ملايين السكان. 
كما تأثر قمر إصطناعي ياباني بهذه العاصفة، وسقط آخر أميركي لوكالة الفضاء NASA على مسافة ثلاثة أميال عن مداره نتيجة زيادة قوة الإعاقة المفاجئة للغلاف الجوّي.

أوّل إنفجار شمسي
شوهد الإنفجار الشمسي لأول مرّة العام 1851، بينما كان رائد الفضاء ريتشارد كارينغتون يراقب البقع الشمسية من الأرض، إذ فوجىء بظهور انبعاثات ضوئية قويّة من الشمس لم يسبق له أن رآها خلال مراقبته المستمرة لها، فكانت ملاحظاته، النواة التي انطلق منها الفلكيون لدراسة الإنفجارات الشمسية.  

تصنيف الإنفجارات الشمسية
تصنّف الإنفجارات الشمسية وفق الدرجة التي يبلغها التدفّق في ذروته، وهي تقاس بالواط لكل متر مربع، حيث تراوح الذروة ما بين 100 و800 بيكومتر (واط/متر مربّع).
يتألّف التصنيف العالمي للعواصف الشمسية من خمس درجات أخطرها
《اكس》...

السبت، 17 يناير 2015

نيكولاس كوبرينيكوس...بداية ثورة العلم


خمسة أشخاص لعبوا دورا محوريا في نقل أوروبا من حالة السبات العميق إلى مرحلة النهضة

. هؤلاء الأشخاص هم كوبرنيكوس - البولندي - الدنماركي براهه، الألماني كبلر، الإيطالي جاليليو والإنجليزي نيوتن.
ولعل أكثر هؤلاء الأشخاص تأثيرا هو كوبرنيكوس لأنه هو صاحب الضربة الأولى التي زلزلت كيانات الجمود القائمة في عصره بل وصدعتها بغير رجعة وجعلتها غير قابلة للإصلاح. إن نتائج أطروحات كوبرنيكوس قد تخطت حدود الفلك لتؤثر في الدين والسياسة والفلسفة والثقافة الإنسانية كلها. فقد قال كوبرنيكس أن الأرض تدور وأنها ليست مركز الكون ضاربا بذلك بنظرية بطليموس ـ أرسطو عرض الحائط والتي استمرت 20 قرناً والتي دعمتها الكنيسة لمدة 12 قرن وجعلت مجرد التشكيك في هذه النظرية كفراً. إذن الأرض تتحرك والكنيسة كانت كل هذه السنين الماضية على خطأ، كوبرنيكوس نفسه كان رجل دين فهو كاهن كنيسة فراونبورج في بولندا.


نيكولاس كوبرنيكوس راهب و عالم بولندي في مجالات عدة منها الرياضيات الفلك الطب القانون وجنديا وقد كان أعظم علماء عصره، ولد في 19 فبراير 1473  وتوفي في 24 مايو 1543.

  نيكولا كوبرنيكس في بلدة تورون على حدود بروسيا في 19فبراير 1473م في أسرة ثرية بمدينة تورون في بيت تسوده الرفاهية وفي جو مفعم بالوطنية.[1] كان والده رجل أعمال ناجح يتاجر في السنترال ومواطناً محترماً في ميت خاقان مات ونيكولاس في العاشرة من عمره لتربيه أمه باربرا واتزنرود وخاله ووكاش فاتسينرود الذي كان أسقفاً ثم كبيراً لأساقفة مقاطعة فارمينسكي مع أشقائه الثلاثة.[4] لكن الأب ترك ما يكفي لأن تعيش العائلة حياة كريمة ومحترمة] كان لكوبرنيكوس أخ واحد هو أندرياس الذي أصبح قساً وأختان باربرا وأصبحت راهبة بندكتية وكاثرينا التي تزوجت رجل أعمال ومستشاراً مدنياً.

وبعد فقدان كوبرنيكوس والده وهو في سن العاشرة تولى تربيته عمه أسقف أرملاند وبدأ كوبرنيكوس تعليمه في بلدة كراكوف عام1491م حيث من الممكن أن يكون قد استمع فيها إلى محاضرات في الفلك. وفى عام 1496م سافر لدراسات أخرى في إيطاليا وذلك لفترة طويلة أولاً في بولونيا. وهناك درس القانون على وجه الخصوص وبجانب ذلك اهتم بالفلك. ثم أرسله البابا في عام 1500مإلى روما لدراسة الفلك وبعد ذلك إلى بادروا حيث درس الطب على وجه الخصوص حتى عام 1503م بعدها عاد إلى وطنه فمكث بعض الوقت في كراكوف حيث عمل كطبيب أمراض باطنية لعمه في هايلسبرج - الآن ليدزبارك فارمنسكى - وبعد وفاة عمه رحل كوبرنيكوس في عام 1512 كمطران إلى فراون بورج حيث بقى هناك إلى نهاية أيامه فوجد هناك الوقت الطويل لدراسته الفلكية وبين الحين والآخر شغل كوبرنيكوس مناصب إدارية ودينية.

يعتبر أول من صاغ نظرية مركزية الشمس وكون الأرض جرماً يدور في فلكها في كتابه "في ثورات الأجواء السماوية". وهو مطور نظرية دوران الأرض، ويعتبر مؤسس علم الفلك الحديث. الذي ينتمي لعصر النهضة الأوروبية - 1400 إلى 1600 ميلادية -.



ولمسئولياته الجسام اعتبر الفلك بمثابة الهواية لكنه مع ذلك صاغ إحدى أهم النظريات في التاريخ محدثاً ثورة في علم الفلك وبالتالي في العلم المعاصر مشجعاً العلماء والباحثين على تحدي القوانين السائدة وتقديم العلم على العقائد الدوغمائية. أنفق نيكولاس كوبيرنيكوس 20 عاماً من العمل على نظرية مركزية الشمس وكان عمله الأساسي تحت عنوان "عن دوران الأجرام السماوية" وقد انتهى من هذا العمل في عام 1539م، وقد ظهر عمله هذا لأول مرة في عام 1543م في مدينة فيرمبورك قبل وفاته بعدة سنوات.



ألف بحثاً راح يعرضه على أصدقائه وزملائه وخلاصة هذا البحث أن الشمسهي مركز هذه المجموعة التي من بينها كوكب الأرض. كما ألّف كتاب عدد دورة الأجرام السماوية في سنة 1533 ألقى سلسلة من المحاضرات في روما. عرض فيها مبادئ نظريته دون أن يثير غضب الكنيسة عليه، وعندما أكمل كتابه عن دورة الأجرام السماوية، فإنه لم ينشره خوفاً من الكنيسة أيضاً ولم يرَ هذا الكتاب النور إلا يوم وفاة نيكولاس. في هذا الكتاب أثبت: أن الأرض تدور حول نفسها. وأن القمر يدور حول الأرض. وأن الأرض والكواكب الأخرى كلها تدور حول الشمس.



ترجع شهرة كوبرنيكوس إلى تبنيه فكرة وجود الشمس وليس الأرض كجسم ثابت في مركز المجموعة الشمسية - النظرية السائدة آنذاك - على أن تتحرك الأجسام الأخرى حولها. وبنظرية مركزية الشمس هذة وقف كوبرنيكوس مناهضاً لتعاليم بطليموس عن مركزية الأرض، التي ظلت وقتها طويلاً غير قابلة للطعن. وليس معروفاً على وجه الدقة متى كون كوبرنيكوس رأيه عن مركزية الشمس بدلاً من مركزية الأرض، ومن المحتمل أن يكون ذلك قد حدث مبكراً جدا حوالي عام 1507م بكتابة مقال صغير قدم فيه رأيه. وإصطدم بصعوبات كثيرة أراد تذليلها أولاً قبل توزيع مقال أكبر. ولهذا الغرض قام كوبرنيكوس بأخذ أرصاد بنفسه وإن لم تساعده، حيث أنه أخذها بواسطة أجهزة يائسة بناها بنفسه، ولهذا رجع إلى أرصاد قديمة مليئة بالأخطاء.



وقد أنهى كوبرنيكوس بحثه الكبير بعد عام 1530م ببضعة أعوام وإن كان قد تردد في نشرة بسبب ما بدى له من صعوبات جديدة في تفسير حركة الكواكب. ولم يسمح كوبرنيكوس بطبع أى نسخة من هذا البحث إلا عام 1540م حيث طبع منه نسخة واحدة ثم بعد ذلك – نتيجة لضغط من أصدقائه – إضطر إلى طبع كتابه كله. وقد وصلت أول نسخة من الكتاب يوم وفاته إلى فراون بورج. وكان عنوان هذا الكتاب الشهير قد تغير أثناء الطبع بدون علم كوبرنيكوس. واحتوى الكتاب بلإضافة إلى الأفكار الجديدة عن المجموعة الشمسية على مقدم قصد بها واضعها إضعاف إستنتجات كوبرنيكوس.





الجمعة، 16 يناير 2015

القنبلة النووية.. وكارثة هيروشيما وناغازاكي

الحرب العالمية الثانية




"... اختفت هيروشيما يوم 6 آب 1945...

بعدها بثلاثة أيام ضاعت ناجازاكي..


بعد ذلك بأربع وعشرين ساعة أذاع إمبراطور اليابان نبأ التسليم

وانتهت الحرب...
ولكن بنهاية الحرب بدأت المأساة ...

 هيروشيما الهدف الأساسي للتفجير النووي في السادس من شهر أغسطس، بينما كانت كوكورا أو ناغازاكي الهدف الآخر. ولقد تم اختيار السادس من شهر لأن الغيوم قد سبق وأن حجبت الهدف. انطلق سرب الطائرات 393d B29 إينولا جاي من القاعدة الجوية الشمالية بجزيرة تينيان، غرب المحيط الأطلسي. وكان يقوده قائد المجموعة رقم 509 الكولونيل بول تيبتس. ورافق إينولا جاي (التي سميت باسم أم الكولونيل تيبتس) اثنين من الB29. قامت القاذفة الأولى وتسمى الفنان الكبير، بقيادة الرائد تشارلز دبليو سويني، بنقل المعدات؛ بالإضافة إلى طائرة أخرى سميت بعد ذلك بالشر الضروري (طائرة التصوير الضوئي)، والتي كان يقودها الكابتن جورج ماركوارت.[22]

وبعد مغادرة جزيرة تينيان، اتخذت كل طائرة طريقها على حدى إلىلايو جيما، حيث تقابلا على ارتفاع 2440 متر (8000 قدم) وانطلقا إلى اليابان.2,440 متر (8,000 قدم) وصلت الطائرة إلى الهدف، وكانت الرؤية واضحة على ارتفاع 9855 متر (32330 قدم). 9,855 متر (32,330 قدم) وأثناء الرحلة، قام الكابتن وليام بارسونز بتسليح القنبلة، حيث لم يكن تم تسليحها بعد لتقليل المخاطر أثناء الإقلاع. وأزال مساعد الكابتن، اللفتنانت الثاني موريس جيبسون، أجهزة السلامة قبل الوصول إلى الهدف بثلاثين دقيقة.[23]
 الانفجار بحوالي ساعة، اكتشف رادار الإنذار الياباني اقتراب بعض الطائرات الأمريكية من الجزء الجنوبي الياباني. وتم تنبيه البلاد، وتوقف البث الإذاعي في مدن كثيرة، من بينها مدينة هيروشيما. وقرابة الساعة الثامنة صباحاً، حدد الرادار في مدينة هيروشيما اليابانية عدد الطائرات القادمة بأنه لا يتعدى الثلاث طائرات، ومن ثم تم رفع حالة التأهب. وللحفاظ على الوقود والطائرات، قرر اليابانيون عدم اعتراض مثل هذه التجمعات الصغيرة. حذَّرت الإذاعة الناس أنه قد يكون من المستحسن الذهاب إلى ملاجئ تحميهم من الغارات الجوية إذا ما شاهدوا الطائرات B 29 تقترب، ولم يتوقعوا حدوث أي غارات حيث اعتقدوا أن الطائرات في رحلة استطلاعية فقط.

انطلقت القنبلة الساعة الثامنة والربع (بتوقيت هيروشيما) كما كان مخطط، وهي قنبلة تعمل بقوة الجاذبية تسمى "ليتل بوي"،

 كما أنهاقنبلة ذات انشطار مُصَوَّب. وتحمل 60 كيلوجراماً (130 باوند) مناليورانيوم 235. واستغرقت القنبلة 57 ثانية لتسقط من الطائرة وتصل إلى الارتفاع الذي ستنفجر فيه، وهو حوالي 600 متر (2000 قدم) فوق المدينة.60 كيلو غرام (130 باوند)600 متر (2,000 قدم) حولت القنبلة مسارها بحوالي 800 قدم (240 متر) بسبب الرياح المتعامدة، لتسقط على عيادة شيما للجراحة بدلاً من الهدف المخطط له، وهو جسر أيوي. ونتج عن ذلك انفجار يعادل حوالي 13 كيلوطن من الTNT
 (ويعتبر سلاح اليو 235 غير فعال، حيث يتشطر 1.38 ٪ فقط من المواد المكونة له.) [24]وبلغ نصف قطر دائرة الدمار نحو ميل واحد (1.6 كم)، بالإضافة إلى الحرائق التي انتشرت في أنحاء مختلفة على مساحة 4.4 ميل مكعب تقريباً (11 كيلومتر مكعب).وتشير التقديرات الأمريكية إلى تدمير 4.7 ميل مكعب (12 كيلومتر مكعب) من مساحة المدينة. بينما حدد المسؤولون اليابانيون خسارة المباني في هيروشيما بـ69 ٪، بالإضافة إلى إلحاق الضرر بـ6-7 ٪ من مباني أخرى.

لَقِىَ 70،000-80،000 شخص، أي حوالي 30 ٪] من سكان هيروشيما، حَتْفَهٌم على الفور، وجُرِحَ 70،000 آخرون] كما مات أكثر من 90 ٪ من الأطباء و93 ٪ من الممرضين في هيروشيما أو اصيبوا بجروح، حيث كان معظمهم في منطقة وسط المدينة التي تأثرت بالانفجار أكثر من أي منطقة أخرى.

على الرغم من أن الولايات المتحدة قد سبق وألقت منشورات تُحذر فيها المدنيين من الغارات الجوية على اثنتى عشر مدينة يابانية أخرى،لم يتم تحذير سكان هيروشيما من إسقاط القنبلة الذرية.

القنبلة الثانية ... مدينة ناغازاكي ...

مدينة ناغازاكي واحدة من أكبر الموانيء البحرية التي تقع جنوب اليابان. وكان لها أهمية استراتيجية كبيرة بسبب نشاطها الصناعي، حيث كانت تُنتج الذخائر، والسفن، والمًعدَّات العسكرية، والمواد الحربية الأخرى.

وعلى عكس العديد من الجوانب الحديثة في مدينة هيروشيما، كانت جميع المباني في ناغازاكي مبنيِّة على الطراز الياباني القديم، حيث تتألف من الأخشاب (مع أو بدون لاصق) والأسقف المكسوة بالآجر. كما كان العديد من المنشآت التجارية والصناعية مصنوعة من الخشب أو غيره من المواد التي لا تتحمل الانفجارات. تمكنت ناغازاكي من النمو لسنوات عديدة دون أن تخضع إلى أي خطة تقسيم; وشُيدت المساكن بِجوار المباني الصناعية. وتقع قريبة من بعضها البعض قدر المستطاع في جميع أنحاء الوادي الصناعي.

لم تتعرض ناغازاكي لقصف عنيف قبل ضربها بالأسلحة النووية. في الأول من شهر أغسطس عام 1945، سقط عدد من القنابل التقليدية شديدة الانفجار على المدينة. ضرب عدد قليل من القنابل أحواض بناء السفن ومناطق تحميل وتفريغ السفن في الجزء الجنوبي الغربي من المدينة، بيتما أصابت عدة قنابل مصانع ميتسوبيشي للصلب والأسلحة. كما أنهالت ست قنابل على كلية الطب بناغازاكيوالمستشفى، وتعرضت المباني لثلاث ضربات مباشرة. على الرغم من أن الضرر الناجم عن هذه القنابل كان ضئيلاً نسبياً، فقد خلق ذلك قلقاً كبيراً في ناغازاكي بين كثير من الناس، وخاصة على مدارس الأطفال. وبالتالي، تم نقل الأطفال إلى المناطق الريفية من أجل سلامتهم، ومن ثم خفض عدد السكان في المدينة في وقت الهجوم النووي.

يقع في شمال ناغازاكي معسكر يحتجز أسرى حرب الكومنولث البريطاني، وكان بعضهم يعمل في مناجم الفحم، ولم يعرفوا شيئاً عن الانفجارات إلا عندما عادوا إلى السطح.
 الساعة 11:01، تمكن الكابتن كيرميت بيهان من رؤية الهدف في آخر دقيقة من انكسار السحب فوق ناغازاكي.سقط "الرجل البدين"،

الذي يحتوي على 6.4 كيلوغرام (14.1 باوند) منالبلوتونيوم 239، على الوادي الصناعي بالمدينة. وبعد مرور ثلاثة وأربعين ثانية، انفجرت القنبلة على ارتفاع 469 متر (1،540 قدم) فوق سطح الأرض، تحديداً في منتصف المسافة بين شركة ميتسوبيشي للصلب والأسلحة في الجنوب ومصنع ميتسوبيشي Urakami للذخائر (التوربيدو) في الشمال. وكان ذلك على بعد 3 كيلومتر (2 ميل) تقريباً شمال غرب المركز المخطط؛ اقتصر الانفجار على وادي أوراكامي، بينما حمت التلال جزء كبير من المدينة

). وقُدِّرَت الطاقة الحرارية التي ولَّدَها الانفجار بـ3،900 درجة مئوية (4،200 كلفن، 7،000 درجة فهرنهايت)، بينما بلغت قوة الرياح إلى 1005 كم/ساعة (624 ميل في الساعة).

تراوح عدد الوفيات المباشرة بين 40،000 و75،000 شخص.
ووصل إجمالي عدد الوفيات بنهاية عام 1945 80،000 شخص.

 سييكو وهي احدي الناجيات من ذلك الدمار: كان يوما صحوا، الشمس مشرقة والجميع يتوقع أن يكون مجرد يوم حار آخر. في الساعة الثامنة وخمس عشرة دقيقة صباحا ألقيت أول قنبلة ذرية من صنع الإنسان , فجأة رأيت صاعقة من البرق أو ما يشبه عشرات الآلاف من الصواعق البرقية تومض في لحظة واحدة , دوى صوت انفجار ضخم ثم ساد الظلام

ثم دوى صوت انفجار قوي وفجأة ساد المكان ظلام تام. عندما أفقت وجدت شعري ذابلا وملابسي ممزقة وكان جلدي يتساقط من على جسدي، ولحمي وعظامي مكشوفة. لم أفكر حتى في تغطية جسدي، فقط وجدت نفسي أصرخ وأجري لأنفد بجلدي


الجميع كان يعاني من حروق شديدة في جسده. كانوا يبكون ويصرخون ويسيرون في نفس الاتجاه وكأنهم طابور من الأشباح

غطى مدنية هيروشيما ظلام دامس بعد أن كانت منذ قليل تعج بالحياة، الحقول احترقت ولم يعد ثمة ما يذكرنا بالحياة

تناثرت الأجساد المحترقة هنا وهناك في الشوارع مثل الأسماك المشوية وكان من المستحيل أن تقول ما إذا كان هذا الجزء من الجسد أو ذاك ينتمي لرجل أو امرأة أو طفل صغير أو لرجل عجوز , كانت هيروشيما منذ قليل مدينة تعج بالحياة

وكانت الدماء تغطي من ظل على قيد الحياة لكنهم تساقطوا قتلى واحدا تلو الآخر. كثيرون لم يستطيعوا حتى أن يصرخوا.. كنا نسير بين الجثث والمصابين

شعرت بحرارة شديدة في جسدي، وسرت مع صديقة لي إلى النهر. عندما نظرت لوجه صديقتي وجدت جلدها يتدلى من وجهها مثل الشمعة المحترقة، وفكرت على الفور أن وجهي بالتأكيد سيكون مثل وجهها

سار الكثير من المصابين إلى النهر الذي أصبح مليئا بالناس لدرجة أننا لم نعد نرى المياه. كان الناس يظهرون ويختفون في المياه وعندما ماتوا غرقوا في القاع , في وقت لاحق سمعت أن هذه الجثث تركت لمدة أربعة أو خمسة أيام طافية تحت رحمة المد والجزر


ثم خرجنا من النهر وواصلنا الهرب وأثناء طريقي رأيت الكثير من المنازل المدمرة. ومن تحت أنقاضها سمعت أصواتا تصرخ: ساعدوني.. ساعدوني، لكنني كنت مجرد فتاة صغيرة، ماذا أستطيع أن أفعل، كل ما يمكنني فعله هو ان أواصل الهرب. وضعت يدي على أذني وواصلت السير

كان هناك رجل مسن مصابا بشدة ولا يستطيع الحراك، أمسك قدمي وقال: أعطني بعض المياه، وحدق في وجهي، مرة أخرى لم أستطع أن أقدم شيئا، جريت، ولا زالت هذه الذكرى تطاردني , عندما أفكر في من كانوا مدفونين تحت الأنقاض أو في هذا الرجل أشعر بالألم يعتصرني

تبلغ ايكيدا الآن ستة وسبعين عاما، وأجريت لها خمس عشرة عملية تجميل لإصلاح وجهها الذي تشوه بشدة، لكنها تقول إنها تشعر أنها محظوظة لبقائها على قيد الحياة



سبعة وخمسون عاما مرت على هذه الجريمة النكراء ولم تقل جمهورية الشر الأمريكية كلمة اعتذار واحدة ولم تتوقف عن انتاج الاسلحة المدمرة وتهديد البشرية بها واستخدامها دون أن يردعها رادع



أما سوناو تسوبوي، وهو أحد سكان هيروشيما ممن نجو من الكارثة التي حلت بها، حيث يشير إلى أنه كان في ذلك الوقت يبلغ من العمر 20 عاما، ويدرس الهندسة، قائلا إنه يعتبر نفسه محظوظا للعديد من الأسباب، فإلى جانب نجاته بأعجوبة من الموت بعد ضرب هيروشيما، فإن مجال الدراسة الذي اختاره وهو الهندسة منحه مزية البقاء في مدينته، دون أن يتم استدعاؤه للخدمة العسكرية مثل باقي أقرانه، حيث كان يعكف على المشاركة في تصميم مقاتلات حربية. ويوضح تسوبوي أن الحكومة اليابانية آنذاك كانت تؤجل الخدمة العسكرية لطلاب العلوم والهندسة للاستفادة منهم في مجال تصميم الأسلحة، وهو ما جنّبه مصير شقيقيه اللذين قتلا في الحرب العالمية الثانية. أبواب الجحيم ويتذكر الرجل أنه كان في صباح السادس من أغسطس في طريقه إلى كليته، عندما أسقطت الطائرة الامريكية (إينولا جاي) القنبلة الذرية الأولى على هيروشيما، وهي القنبلة التي عرفت فيما بعد باسم (الولد الصغير). 

ويقول تسوبوي إنه كان على بعد أقل من ميل من المكان الذي سقطت فيه القنبلة على أحد المباني الحكومية المقامة في وسط المدينة، وهو المكان الذي يوجد به حاليا هيكل لقبة هذا المبنى. وسقطت القنبلة كما يتذكر هذا المسن الياباني في تمام الساعة الثامنة والربع من صباح هذا اليوم الحار الذي فُتحت فيه أبواب الجحيم على هيروشيما. ويشير تقرير المجلة الأمريكية إلى أن تسوبوي كان محظوظا بالفعل لأنه لو كان أكثر قربا من ذلك المكان الذي سقطت فيه القنبلة، لكان قد تحول إلى رماد مثله مثل مائة ألف من سكان المدينة الذين قضوا نحبهم في لحظات.




ويوضح التقرير أن سقوط القنبلة أودى بحياة كل من كانوا على بعد نصف ميل منها أو أقل، مشيرا إلى أن حجم الدمار في المدينة كان من الجسامة بحيث دفع سلطات الاحتلال الأمريكي التي هيمنت على مقاليد الأمور في طوكيو بعد الحرب إلى مصادرة فيلم وثائقي أعدته مجموعة من مصوري السينما اليابانيين وصلت إلى هيروشيما بعد أيام قلائل من قصفها بالقنبلة الذرية، لتسجيل الدمار الذي حل بها جراء ذلك. وتعزو (تايم) هذا التصرف لخشية السلطات الأمريكية في ذلك الوقت من أن يؤدي مثل هذا الفيلم إلى إشعال شرارة التمرد في نفوس اليابانيين، على الرغم من استسلام بلادهم الرسمي في نهاية الحرب، مشيرة إلى أن تلك السلطات لم تكن لديها أي نية لإتاحة الفرصة لباقي اليابانيين لرؤية ما آلت إليه هيروشيما بعد قصفها بالسلاح النووي. الضحايا يتساقطون ويعود التقرير إلى تسوبوي الذي أدى الانفجار الناجم عن سقوط القنبلة إلى احتراق ملابسه، وكذلك إلى إصابته بحروق جسيمة في جسده كله تقريبا، وهو ما دفعه للعدو بأقصى ما كان في وسعه للابتعاد عن المكان، حتى سقط أخيرا بجوار مركز للإسعافات الطارئة في إحدى ضواحي المدينة. 

وينقل تقرير (تايم) عن هذا الرجل قوله إنه رأى العديد من الأشخاص المصابين بجروح خطيرة يتساقطون في كل مكان بالمدينة، وأيضا في مياه النهر الذي يمر بها، وكذلك على ضفافه، مشيرا إلى أن الكثير من الناس الذين لم يقضوا نحبهم على الفور، كانوا يتمايلون بلا هدف عبر النيران المشتعلة التي كانت تلتهم أنقاض المباني المتهدمة. ويتذكر تسوبوي في هذا الصدد مرأى رجل كان مصابا بجرح عميق للغاية في صدره للدرجة التي جعلت بوسع الآخرين رؤية رئتيه وهما تنقبضان وتنبسطان مع كل شهيق وزفير..

يبقى الحديث عن الذين ألقوا القنبلة الذرية على هيروشيما ؟
من هم ..؟؟



بين الموت والجنون وآلام الذاكرة تأرجحت مصائر أفراد طاقم الطائرة الأميركية التي ألقت القنبلة الذرية على هيروشيما / اليابان مؤذنة بانتهاء الحرب العالمية الثانية بعد إرفاقها بنسخة مشابهة على ناجازاكي بعد ثلاثة أيام من أكبر مجزرة جماعية صفعت ضمير العالم، بل وضمائر مرتكبيها..


لم يتفق الباحثون والمحللون السياسيون على مبررات منطقية دفعت الولايات المتحدة آنذاك للقيام بأبشع وأفظع عمل إجرامي في تاريخ البشرية.. فقد كانت اليابان على وشك خسارة الحرب بعد أن خسرت حليفاتها ألمانيا وايطاليا.. ويرى كثير من الخبراء أن الحرب كانت تسير إلى نهايتها، رغم عناد الجندي الياباني الذي تحطمت على صخرته كثيراً من قوى جيوش الحلفاء..



كثيرة هي المقالات التي كتبت والإحصاءات التي نشرت، عن الضحايا في هيروشيما وناغازاكي وعن الدمار الذي لحق بهما سواء الدمار المادي المريع، أو الدمار الإنساني والنفسي الأمر الذي جعل إحدى أكبر الصحف اليابانية تكتب في ذكرى القصف : إن اليابان لن تنسى أبداً ما فعلوه بها.. إننا قد تعلمنا معنى الخوف...

موضوع اليوم يختلف عن الكثير الذي كتب حول هيروشيما، فهو يتطرق للتفاصيل التي حدثت وكيف تحدًث الناجون وكيف وصفوا الحدث، كما يركز على القائمين بالفعل الإجرامي ـ بصرف النظر أنهم يمتثلون لأوامر قياداتهم ـ وعلى خلفياتهم الاجتماعية وصفاتهم الشخصية وما آلوا إليه.. لأن ما فعلوه يتجاوز حدود العقل البشري وطاقته على الاستيعاب والتبرير .. فما بالك بالصفح والتسامح..





من مقال بعنوان "فاتورة حساب ملاحي طائرة الموت !" من مجلة الحرب العالمية الثانية، إحدى المجلات المتميزة الموجودة في مكتبة سيريانيوز،
اخترت هذه المقتطفات..

في ومضة انفجار القنبلة التي لا تزيد عن واحد على الألف من الثانية 80 ألف ياباني احترقوا، ولكن الذين أفلتوا من هذا الموت الخاطف عاشوا ليواجهوا ساعات أشد هولاً ذاقوا فيها أبشع ألوان العذاب قبل أن يتداركهم الموت برحمته..



في ثوان معدودات نشبت مئات الحرائق وامتدت إلى عشرات الأميال.. ونظر الآباء إلى زوجاتهم، وقد أصبحن زنجيات بعد أن شوى الإشعاع والحرارة وجوههن.. أما الأطفال فقد ذابت جلود وجوههم كما يذوب الشمع، وبرزت عظامهم محترقة ثم مصهورة !

لفحت النيران منازل 350 ألف نسمة.. هم سكان المدينة، فتساقطت شظايا سوداء متفحمة.. اختفت الشمس واندفعت في سماء المدينة كرات من النار تطارد 100 ألف من المصابين وتدفع بهم إلى نهر كيوباشي. كانت صرخاتهم ترتفع إلى السماء، ثم يتساقطون في النهر.. مئات فوق مئات .. كالجدار المنهار..



ثم أتت لعنة الله.. مطر أسود، مطر انفجرت به السحب السوداء الحالكة التي انتشرت في السماء بسرعة مذهلة، مطر كانت كل قطرة فيه بحجم البيضة، ولكنها بيضة سوداء..

دافيد انجلش، الكاتب الانكليزي الذي ننقل عنه هذا التحقيق المثير، تعقب طاقم طائرة الموت التي قذفت القنبلة الذرية على هيروشيما، تعقبهم واحداً واحداً وسافر إليهم وتكلم معهم وكتب يصف مصيرهم ..



كانوا اثني عشر رجلاً.. بل اثني عشر نموذجاً بشرياً..

قائدهم، أصغر كولونيل في الجيش، رجل جليدي الأعصاب، كرس نفسه للتدمير كمهنة... ورجل آخر دوًن رؤسائه في ملفه أنه لا يصلح للترقية ولا لأي منصب قيادي من أي نوع كان.. وكان بينهم المقامر المحترف الذي يعتبر أن عمله الأساسي في الحياة هو لعب البوكر، وهناك الرجل الذي يحمل مسدسه لينهي به حياته إذا فشل في تلك المهمة.. وأخيراً كان بينهم صبي لم يبلغ التاسعة  عشرة من عمره بعد..



لقد كانت الحقيقة الأولى التي عرفها عنهم، أنهم أرسلوا جميعاً، عقب هذه العملية بشهور، إلى العيادات النفسية التابعة للجيش الأميركي..

وتولت هذه العيادات النفسية غسل عقولهم وتطهيرها من آثار تأنيب الضمير ووطأته.. فهل نجح الجيش الأميركي في استئصال ضمائرهم ؟

وفي الوقت نفسه حرصت الحكومة الأميركية على ألا توليهم أهمية خاصة.. مثلاً واحد منهم فقد هو الذي نال نيشاناً.. وهو تيبتس قائد الطائرة.. وفيما بعد رقي إلى جنرال... ولم يحظ الباقون بأي شيء... ولما أبدوا تذمرهم، منحوا نيشان (النجمة الفضية) وهو نيشان عادي جداً..



ولقد سرحوا جميعاً من الخدمة العسكرية بعدها مباشرة فيما عدا شخصين اثنين لا يزالان يخدمان سلاح الطيران الأميركي حتى الآن، وهما الوحيدان من بين أفراد الطائرة اللذان لا يبدو عليهما ـ ظاهرياً على الأقل ـ أي ندم على ما فعلوه، وهما يقولان أن الذي أصدر أمر إلقاء القنبلة الذرية هو ترومان رئيس الولايات المتحدة إذ ذاك، فإذا كان هناك لوم فليقع عليه..



أما تيبتس ـ قائد الطائرة ـ فقد طلقته زوجته الأولى.. لم تطق أن تعيش معه بعد هيروشيما، وتزوج للمرة الثانية، ثم دخل مصحة عقلية بعد أن أصيب بانهيار عصبي..

وهناك الماجور ايثرلي ضابط الأرصاد الجوية الذي أفتى قبل الكارثة بدقائق، بأن الجو صالح لضرب هيروشيما بالذات.. وهذا فقد عقله، وقبض عليه في تكساس وأودع مستشفى الأمراض العقلية..



وروبرت لويس مساعد قائد الطائرة، أصيب بحالة هستيرية تلازمه في كل حركاته وسكناته، فهو يضحك ضحكة تشبه العواء بلا سبب، ويصرخ لأتفه الأسباب، ويأكل بشراهة.. ولما دعي لزيارة هيروشيما ليرى ما أحدثه فيها رفض ومكث ثلاث ليال بعدها يبكي بكاء هستيرياً لا ينقطع..

أما بيرنز المهندس الالكتروني، فقد حاول أن يهجر ديانته اليهودية إلى المذهب الكاثوليكي ثم إلى البروتستانتي لكنه لم يجد قسيساً يضمن له الجنة.. فانتهى بأن خرج من دينه اليهودي، ولم ينضم إلى دين من الأديان..



أما روبرت شومارو الذي ظل ثلاث سنوات كاملة يصرخ في نومه : السحابة .. السحابة.. ثم توقظه زوجته والدموع تملأ عينيها، فإذا استيقظ انخرط في بكاء مرير، بينما يهذي بأن سحابة الدخان الأسود التي ملأت سماء هيروشيما، إنما هي مجموعة أرواح الضحايا التي صرعتها القنبلة..

أما المقامر فان كيرك، فإنه كان قد تماثل للشفاء من كابوس مماثل، ولكن حدث أن عرض التلفزيون الأميركي برنامجاً عن ضحايا هيروشيما، فعاد إليه الانهيار العصبي ولم يشف منه حتى الآن..



وحدث أن زار أميركا بعض القسس اليابانيين الذين نجوا من قنبلة هيروشيما، فسعى فان كيرك إليهم وكان يتمنى أن يشتموه أو يصفعوه.. ولكن الذي حدث أنهم قالوا له أنهم يسامحونه، فازدادت وطأة العذاب عليه !

وريتشارد نيلسون، أصغر ملاحي الطائرة سناً، أصبح الآن ـ رجلاً ـ في الخامسة والثلاثين من عمره، شارد العينين، زائغ النظرات، يعاني كثيراً من خطابات الشتائم الغفل من الإمضاء التي تصله.. وزوجته يضنيها الأسى وتقول لكل من يقابلها : إن شبح هيروشيما لا يزال يطارد روحي !



وهناك بارسونز، العالم الذي ركب الجزء الذري الفعال في القنبلة، لقد صرعه التفكير فمات..

أما مساعده جيبسون، فقد تركته زوجته هو الآخر.. قالت أنها لا تريد أن تعيش مع قاتل، ويعيش الآن وحيداً في نيوجرسي ويرفض أن يتكلم عن أي شيء له صلة بالذرة..

وفي مثل هذا اليوم من كل سنة، يجتمع أهالي لندن طوال 24 ساعة ويرددون في نداء محموم : لا تلقوا الثالثة !.."

لا تلقوا قنبلة ثالثة ـ حسب ما ظل يردده العالم في لندن ـ  وحتى لا ننسى إلى أي مدى يمكن أن تتمادى آلة الدمار العسكرية في العالم أجمع.. نعيد هنا نشر هذا الموضوع الفريد بطريقة عرضه ومعالجته التي تدور حول مقولة باتت شائعة عن أن دم الضحية يظل يلاحق الجلاد إلى آخر الدنيا ومهما طال الزمن..

بعد 6 عقوود من الكارثة...

متحف نصب السلام في هيروشيما

يقع في الطرف الجنوبي من حديقة السلام التذكارية وتم تأسيسه استنادا إلى القانون الذي أقر بتشييد نصب تذكاري للسلام وذلك لينقل إلى الأجيال القادمة المأساة التي سببها إلقاء القنبلة الذرية على هيروشيما. حيث جرى تجميع الآثار والوثائق المتعلقة بكارثة القنبلة الذرية من قبل مجموعة من المتطوعين من سكان المدينة وتعاون الكثير منهم وعملوا تحت مظلة واحدة يطلق عليها حاليا ”جمعية المحافظة على وثائق القنبلة الذرية“. يحتوي المتحف على صور ووثائق تظهر مدينة هيروشيما قبل وبعد وقوع الانفجار اضافة إلى نماذج وصور مكبرة وشرح عن العالم في عصر الأسلحة النووية ومعرض يهدف إلى تحقيق مجتمع سلمي خال من الأسلحة النووية.

المتحف من تصميم كنزو تانغي، ويتكون من المبنى الرئيسي والجناح الشرقي، وقد اختير المتحف ليكون ضمن الكنوز الثقافية الهامة في اليابان. وهذه الصورة البانورامية هي سجل قيم من المعرض الحالي حيث أنه من المحدد أن تبدأ عمليات التحديث واسعة النطاق في الفترة الواقعة بين عامي ٢٠١٣ و٢٠١٨.





الخميس، 15 يناير 2015

التحنيط



أحب المصريون القدماء الحياة، ومن هنا كان اهتمامهم بتحنيط الجسد بعد الموت، حتى لا تتحلل أنسجته، وتظل سليمة استعدادا للبعث والحياة الأخرى. وبرع المصريون القدماء في علم التحنيط الذي أصبح واحدا من أهم الفنون التي امتازوا بها، وكان الأساس العلمي الذي اعتمدوا عليه في التحنيط، هو استخلاص ماء الجسم وتجفيفه تماما، حتى لا تتمكن بكتريا التعفن من أن تعيش أو تتغذى عليه.
ودخل التحنيط مع مرور الوقت إلى صلب العقيدة الدينية للمصريين، الفراعنة، إلى إبادة الروح التي كان يجب عليها أن تعود إلى الجسد من جديد، لكي تتغذى من القرابين.

المراد بتحنيط الموتى هو حفظ جثث الموتى بواسطة مواد كيميائية معينة تحفظ جسم الإنسان و تجعل الجسم يحافظ على مظهرة جتى يفى بمتطلبات بعض طقوس الديانة المصرية القديمة التى تؤخر الدفن لعدة أيام , أو ليستطيع الجثمان تحمل مشقة النقل عندما ينقل الجثمان لمدفنه البعيد المُعد مسبقاً ، و لذلك ظهر التحنيط حتى يمنع تعفن الجثة.


يبدأ فى تلك المرحلة سؤال يطرح نفسة و هو : كيف إكتشف المصرى القديم التحنيط ؟؟


تكمن الإجابة على السؤال السابق فى أن المصرى القديم ترك الجثة فوق الرمال الحارة التى تغطيها آشعة الشمس فوجد أن الجثة لا تتحلل سريع

وبينما كانت في عصور ما قبل التاريخ تعتمد على ملامسة الجسد لرمال الصحراء، باعتبار تلك العملية كافية لإحداث التجفيف، إلا أن الأمور سرعان ما تطورت، بالتوصل إلى أسرار التحنيط التي تستهدف الحفاظ على الجسد سليما بعد الموت.

عُرف عن العقيلية المصرية القديمة العلم و التقدم ، فقد كان المصريون القدماء أول من مارس الطب على أسس سليمة ، كما برعوا فى التحنيط إلى حد الإعجاز و مازال العالم الحديث بالرغم مما وصل إليه من تقدم إلا أنه يعجز عن إكتشاف سر التحنيط أو المواد التى أُستخدِمت فيه بدقة ، فلقد حتمت العقائد الدينية فى مصر القديمة حفظ جسد المتوفى و حياتة و إبقائة على شكلة ، حتى يتسنى للروح التردد علية فى مقبرتة ، و أن يعود الى الحياة الحسية مرة أخرى.


 و سرعان ما يطرق الى ذهنك أن تحنيط الموتى من الأسرار الغامضة المحيرة التى إشتهرت بها مصر القديمة , فلماذا بذل مثل هذا المجهود لحفظ الأجسام التى خرجت منها الروح لالالف السنين ؟.



السبب هو أنهم لم يعتبروا الموت هو النهاية ,و إنما هو رحلة خطرة تتناثر خلالها شتى العناصر المكونة للشخص الحى , فيما يحتفظ كل منهما بتكاملة الفردى , فإذا أمكن إعادة إتحادها و وضعها فى الجسم ثانية ، أمكنه ذلك أن يعود الجثمان لحياة جديدة مشابهة جداً للحياه التى قضاها على الأرض ، و مع ذلكك و لتحقيق هذة النتيجة يجب حفظ الجسم الذى هو أضعف كل هذة العناصر و أكثرها عطباً ، فاذا ترك الجسم ليتعفن , ضاع كل أمل فى إتحاد القوى الحيوية و هيكلها الجسدى فى العالم الآخر , فيُحكم على الروح بأن تظل تبحث عبثاً الى الأبد عن جسم لم يعد لة وجود

وولد علم التحنيط في “مصر” على يد الكهان الذين قاموا بأولى تجاربهم في هذا المجال بوضع النطرون على الأجسام وهي محبوكة في أكفان، أو بلف الجسم في رباطات مشبعة بالراتنج، وكانت تلك العملية تشير إلى أن الذين قاموا بها لا يزالون غير متمكنين من وسائلها، وهو ما تكشف عنه بعض المومياوات التي ترجع إلى عصر الدولة القديمة، وكثير منها في حالة حفظ سيئة.
وبرع المصريون القدماء في علوم التحنيط مع بداية الدولة الوسطى، حيث تشير المومياوات التي ترجع إلى هذا العصر، إلى أسلوبهم الفريد في التحنيط، حيث تمت معالجتها بالراتنج، وتحنيطها بتأنق، لكنها كانت دائما في حالة هشة، ما يعني أن التحنيط لم يبلغ حينذاك أوج عظمته.
ومع بداية الدولة الحديثة تدفقت العطور الآسيوية على السوق المصرية، ليصبح هذا العصر هو عصر الإبداع في فنون التحنيط، وهو ما تجلى في العديد من المومياوات الجميلة التي عثر عليها، وكانت في حالة طيبة للغاية، إذ لم يسود جلدها إلا بمقدار.
وظلت الطرق التي ابتدعها محنطو “طيبة العهد الروماني، عندما استبدلت بها طريقة حاسمة النتائج، لكنها خشنة وهي نقع الجثث في القار وهو يغلي.
وظلت “الدفنات” الأكثر تميزاً قاصرة على الملوك وعائلاتهم، ومن بعدهم الكهنة وكبار الموظفين، لكن البسطاء من المصريين لم يعدموا حيلة، إذ قام هؤلاء الناس الذين لم يكن باستطاعتهم أن يحصلوا على دفنات متميزة، بتكليف أعضاء من عائلاتهم، بأن يجهزونهم بالحد المعقول من التحنيط، الذي كانت عملياته تستغرق نحو سبعين يوماً، حيث كان جسد المتوفى ينظف ويطهر لكي يبدأ رحلة العالم الآخر.


لقد ظل التحنيط فى بادىء الامر مقصورا على الملوك والطبقات الغنية ، ولكن عرفت واستعملت اخيرا طرق اخرى للتحنيط ابسط وارخص بحيث تمكن الفقراء من ان يستفيدو من بعض العمليات الحافظه لجثثهم وخصوصا عملية التجفيف بالنطرون ، وان يكون لديهم هم الاخرون امل الحصول على الحياه الابدية .
والاشاره الوحيده المعروفه لدينا حتى الان لاى وصف قديم لطرق التحنيط هى الفقرات القليله التى ذكرها كل من هيرودوت وديودورس ، وهما المؤرخان الوحيدان اللذان تركا لنا بعض البيانات عن هذه العملية اذ ان النصوص المصرية القديمة - كما هو معلوم حتى الان - لا تحتوى على اية تفاصيل عن طرق التحنيط .
واقدم وصف تفصيلى هو الوصف الذى ذكره هيرودوت الذى رحل الى مصر حوالى منتصف القرن الخامس قبل الميلاد (460 ق.م)







وبناء على ما ذكره هيرودوت استخدمت ثلاث طرق مختلفة للتحنيط :

الطريقه الاولى :
وهى اغلى الطرق ثمنا ، وفيها يستخرج جزء من المخ بطريقه اليه ويستخرج الباقى بواسطة العقاقير (ولكن طبيعتها غير مذكورة) وتستخرج محتويات البطن (ويحتمل ان يكون المعنى المقصود ان تشمل هذه ايضا محتويات الصدر فيما عدا القلب ، ولو ان هذا لم يذكر بالتحديد) وتغسل الاحشاء المستخرجه بعرق النخيل والتوابل ثم يحشى التجويف بالمر والقرفة ومواد عطرية اخرى (انواعها غير مذكوره) عدا بخور اللبان ، وبعد ان يخاط شق التحنيط كانت الجثه تعالج بالنطرون ثم تغسل وتدثر فى لفائف كتانية كانت تلصق بعضها ببعض بالصمغ .

الطريقه الثانية :
وفيها كانت الجثه تحقن بزيت الارز عن طريق الشرج ثم تعالج بالنطرون .

الطريقه الثالثه :
وهى ارخص الطرق الثلاث وقد اختارتها الطبقات الفقيره ، وتتضمن غسل الجثة والاحشاء بواسطة حقنه شرجية ، ثم يلى ذلك المعالجة بالنطرون .

** شرح مراحل التحنيط **

مما سبق يمكن اجمال خطوات التحنيط فيما يلى :-

غسل الجسد وتطهيره

اعتقد قدماء المصريون أن الشمس تبقي في النهار حية ويكسوها اللون البرونزي و الأصفر وأنها تموت في الغرب ويكسوها اللون الأسود في الليل و قبيل شروقها التالي تغتسل في بحيرة في شرق السماء تسمي بحيرة ايارو حتى تتخلص من اللون الأسود.
الادوات  المستخدمة بالتحنيط

1- استخراج المخ من الجمجمة بالشفط عن طريق الانف باستعمال الازميل والمطرقة للقطع من خلال الجدار الانفلا وبعد ذلك يسحب المخ من خلال فتحة لانف بسنارة محماة ومعقوفة
2- استخراج احشاء الجسد كلها ما عدا القلب (( مركز الروح والعاطفة )) وبذلك لا يبقى فى الجثة اية مواد رخوة تتعفن بالبكتريا اما بالفتح او حقن زيت الصنوبر فى الاحشاء عن طريق فتحة الشرج
3- يملى تجويف الصدر والبطن بمحلول النطرون ولفائف الكتان المشبعة بالراتنج والعطور وهى جميعا مواد لا يمكن ان تكون وسط للتحلل والتعفن بالبكتريا
4- تجفيف الجسد بوضعه فى ملح النطرون الجاف لاستخراج كل ذرة مياه موجودة فيه واستخلاص الدهون وتجفيف الانسجة تجفيفا كاملا
5- طلاء الجثة براتنج سائل لسد جميع مسامات البشرة وحتى يكون عازل للرطوبة وطاردا للاحياء الدقيقة والحشرات فى مختلف الظروف حتى لو وضعت الجثة فى الماء او تركت فى العراء
6- فى احد المراحل المتقدمة من الدولة الحديثة تم وضع الرمال تحت الجلد بينه وبين طبقة العضلات عن طريق فتحات فى مختلف انحاء الجثة وبذلك لكى تبدوا الاطراف ممتلئة ولا يظهر عليها اى ترهل فى الجلد
7- استخدام شمع العسل لاغلاق الانف والعينين والفم وشق البطن
8- تلوين الشفاه والخدود بمستحضرات تجميل
9- لف المومياء باربطة كتانية كثيرة قد تبلغ مئات الأمتار مدهونة بالراتنج يتم تلوينها باكسيد الحديد الاحمر ( المغرة الحمراء ) بينها شمع العسل كمادة لاصقة

وفيما يلى كشف شامل للمواد التى ذكر هيودوت وديودورس انها قد استخدمت فى عملية التحنيط ، وبعض المواد الاخرى التى ذكر بلينى ان المصريين قد استخدموها لهذا الغرض ، والمواد التى وجد فى العصر الحاضر ان لها علاقه بالموميات :
شمع النحل - القار - الكاسيا (نوع من القرفه) - زيت الارز - سدرى سوكوس - سدريوم - القرفه - الصمغ - الحناء - حب العرعر - الجير الحى - النطرون - الدهانات - البصل - عرق النخيل - الراتنجيات - (وتشمل الراتنجيات الصمغية والبلسمات) الملح - نشارة الخشب - التوابل - قطران الخشب .





كانت الاعضاء توضع فى أواني سميت بالأواني الكانوبية التي كانت تتخذ شكل الأربع أبناء لحورس وهم:-


"إمست " IMSET و"حابي" HAPY و"دواموتف" DAAMTEF وقبح سنوف .



قال "هيرودوت" أن المصرى القديم قام بالتحنيط من أجل حفظ الجثث من أن تنهشها الوحوش والحيوانات آكلة الجيفة.


قال "ديودور الصقلى" إن قدماء المصريين عرفوا التحنيط بمقتضى عقائد دينية و بمقتضى إعتقاد المصريين و إيمانهم بأنه بعد مضى ثلاثة أو أربع آلاف سنة ستقوم ثوره روحيه عارمة فى العالم تعود بعدها الأرواح إلى أجسادهم التى ستعود بدورها للحياه الأبدية , فأرادوا بالتحنيط حفظ هيكل الإنسان ليكون صالحاً إلى عودة الروح فية كما كان فى نشأتة الأولى.


قال "فولني و باريسي" أن من البواعث علي التحنيط الإحتياط لمنع إنتشار الأمراض المعديه مثل الطاعون , وهى الأمراض التي تنشأ غالباً من تعفن الجثه , فتنتقل في تموجات الهواء الفاسد , و تسري جراثيمها إلى الأصحاء فتضر  بالمجتمع الانساني من حيث لا يشعر.

و أكثر ما يطمئن إليه العقل من هذه الآراء هو أن التحنيط من لوازم العقائد الدينيه التي في سبيلها تحملوا المشاق , و تكبدوا أخطارها بإرتياح قلبي و إنبعاث دائم , فتعمق الكهنه في بحثهم فى هذا المجال حتي وصلو إلي أحكام أعمالهم و سبل إتقانها ، و ساعدهم جفاف الجو و يبوسة الأراضي والرمال في تجفيف الجثث المعرضه للهواء التي لم يستطع ذووها دفنها في هياكل شامخه أو مباني ضخمه.



وكأن الكهنة أرادوا تهيئة الأرواح عند عودتها إلى أشبه ما كانت عليه فى الحياه الفعلية سابقاً بل أكثر من ذلك فقد قاموا بتزيين الموتى وتوابيتهم بحلى و زخارف و ألوان و عطور ثمينة حتى يسهل على الروح التعرف على جسد صاحبها وهو فى صورة جيدة ولكى تسعد بما يظهر عليه من ألوان وجمال وتعود بذلك الروح للجسد فى سعادة وإطمئنان وممتلئة بالبهجة.

يقول "لوكاس" في كتابه عن التحنيط إن البدايه التاريخية لهذا العلم مجهوله و ربما ترجع إلى العام 2700 ق.م ، كما تدل عليه الجثه المحنطه المحفوظه بمتحف كليه الجراحين الملكية بلندن و التي يعود تاريخها الي الأسره الخامسه من عهد الدوله ...

الاثنين، 12 يناير 2015

ماتشو بيتشو...القلعة الضائعة بين السحاب





 24 يوليو 1911 اكتشف المستكشف الأمريكي هيرام بينغهام أطلال مدينة ماتشو بيتشو القديمة المغطاة بغابات استوائية كثيفة والمثير أنه تم اكتشاف هذه المدينة بالصدفة، عندما كان يبحث عن آثار الإنكا التي دمرها الأسبان، وبعد تسلقه لجدار جبلي محاطا بصخور كثيرة وغير واضح من الوادي وكان المدخل قد سد بزلزال قبل سنوات طويلة. رأى الجدران وهي مغطاة بالأوراق والمنازل منسقة بعناية مما دل على أن مدينة كبيرة قامت في هذا المكان ليكتشف هذه المدينة المخبأة وسط السحاب بتنظيمها وبنائها البديع .

مدينة تقبع بين السحاب على ارتفاع 2438متر



مدينة تقبع بين السحاب




لا احد يعلم على وجه الدقة من أين أتى الانكا (Inca ) فقد ظهروا فجأة في القرن الثاني عشر الميلادي ليؤسسوا مملكة قوية مركزها البيرو و عاصمتها مدينة كوزكو دين.

إمبراطورية الانكا كانت تحفل بالعجائب و الأسرار و ربما يكون سقوط الإمبراطورية السريع و المدوي هو بحد ذاته اكثر هذه العجائب اثارة للدهشة , فحفنة من الغزاة الاسبان يبلغ عددهم 168 رجلا مع 28 حصانا و مدفع واحد  استطاعوا هزيمة جيوش الانكا الجرارة  التي تقدر بعشرات الالاف و تمكنوا خلال فترة قصيرة بقيادة فرانشسكو بيزارو (Francisco Pizarro ) من احتلال اغلب اراضي الامبراطورية بعد ان اسروا الامبراطور و قتلوه , و مع ان تفاصيل الغزو هي أوسع من ان نتناولها في هذه المقالة الموجزة الا انه ينبغي ان ننوه بأن بعض الأحداث المدمرة و المأساوية التي تواكب حدوثها مع وصول الغزاة الاسبان كان لها دور كبير في اضعاف الانكا و هزيمتهم و لعل اهمها و اكثرها تأثيرا هو وباء الجدري (3) الذي انتشر في الإمبراطورية و حصد نسبة كبيرة من السكان , كما تصادف وصول الغزاة مع حرب اهلية دموية بين اثنين من أمراء الانكا بسبب النزاع حول عرش الامبراطورية , كما ان اسلحة الاسبان النارية و تحالف العديد من القبائل المحلية المعادية للأنكا معهم لعبت دورا كبيرا في هزيمة جموع الانكا المسلحين بالفؤؤس و أدوات الحرب البسيطة و الذين عجزوا من التغلب على تكتيكات الاسبان العسكرية الحديثة.

سيطر الاسبان خلال سنوات قليلة على اغلب اجزاء امبراطورية الانكا و عمدوا منذ بداية احتلالهم الى تدمير ثقافة و مقدسات الانكا فاجبروهم على تغيير دينهم و لغتهم و ارسلوا رجالهم للعمل في مناجم استخراج المعادن الثمينة التي اخذت السفن الاسبانية تنقلها بالأطنان الى بلاط شارلز الاول في اسبانيا , كان على كل عائلة من الانكا ارسال احد افرادها للعمل في مناجم الموت حيث كان في العادة يفارق الحياة خلال سنة واحدة نتيجة سوء التغذية و الأمراض و العمل المضني و عند موته كان على عائلته إرسال فرد ثاني ليحل محله , لقد كان هم الغزاة الوحيد هو الذهب و الفضة و لم يهتموا ابدا لحياة شعب الانكا فعاملوا الناس بقسوة منقطعة النظير و كانوا السبب الرئيسي في انخفاض عدد السكان خلال سنوات قليلة بنحو 60 – 90 % .

خلال العقود التي تلت سقوط إمبراطورية الانكا و انحلالها انتشرت الكثير من القصص و الأساطير حول الملاذ الأخير للأنكا في المدن الضائعة , و قد حاول الأسبان و غيرهم من الطامعين بالكنوز الوصول الى هذه المدن الأسطورية لكن بدون جدوى حتى ظن الكثيرون بأنها مجرد خرافات لا أساس لها من الصحة , لكن أحفاد الانكا الساكنين في الوادي المقدس (Urubamba Valley ) كانوا يعلمون بأنها حقيقة و قد كتموا سرها لقرابة الأربعة قرون حتى عام 1911 عندما قام صبي محلي في الحادية عشر من العمر بأرشاد احد الباحثين الأمريكان و اسمه هيرام بنغهام الى أطلال ماشو بيشو (Machu Picchu ) الواقعة على ارتفاع 2430 متر فوق قمة احد الجبال المحيطة بالوادي المقدس و قد كانت المدينة عند اكتشافها مغطاة بالكامل بالأحراش و الأدغال التي يرجع لها الفضل في اخفائها عن العيون لقرون طويلة رغم مسافة الخمسين ميلا القصيرة التي تفصلها عن عاصمة الانكا كازكو و التي اصبحت فيما بعد مقر حكومة الاسبان , و في عام 1912 عاد بنغهام الى المدينة مرة اخرى مع بعثة تنقيب ممولة من جامعة يايل الامريكية و تمكن من العثور على الكثير من القطع الاثرية التي نقلها معه الى الولايات المتحدة ثم تحولت فيما بعد الى محل نزاع بين الحكومة البيروية التي تدعي بأن بنغهام اخذ القطع الاثرية على سبيل الاستعارة و بين جامعة يايل التي ترفض اعادة القطع و تدعي بأنها من حقها و ان بنغهام اخذها بموافقة الحكومة البيروية.

سرعان ما بدأت المدينة تثير اهتمام الناس حول العالم فتوافد اليها الكثير من المنقبين و علماء الاثار الذين خمنوا تاريخ انشائها بحوالي عام 1462 و اعتقدوا بأنها كانت مدينة مقدسة تسكنها كاهنات اله الشمس و ذلك بسبب العظام التي عثر عليها في مقبرة المدينة حيث كان اغلبها تعود لنساء الا ان المسح الحديث لهذه البقايا البشرية دحض هذه النظرية لأكتشافه بأن عدد البقايا العظمية للرجال مساوية تقريبا لتلك العائدة للنساء , و هناك بعض الباحثين يظنون ان المدينة كانت مركزا اقتصاديا و اخرون يعتقدون بأنها كانت سجنا فيما ذهب فريق اخر الى انها كانت مركزا للرصد و تحديد التواريخ في تقويم الانكا , لكن الرأي الراجح اليوم هو ان المدينة كانت من ضمن ممتلكات الامبراطور و كان لها دورا ديني بسبب موقعها المطل على الوادي المقدس للأنكا و من المحتمل ايضا انها كانت تستخدم للرصد و لتحديد التواريخ لأن العلماء اكتشفوا فيها منصة حجرية ضخمة تشبه الساعة الشمسية الحجرية و تتعامد الشمس فوق العمود الحجري الموجود في وسطها مرتين في السنة بشكل كامل بحيث لا تترك أي ظلال.


هناك حوالي 140 بناية في المدينة تضم معابد و حمامات و قصور و بيوت سكنية و قد بني اغلبها بواسطة صخور الغرانيت التي أبدع الانكا في استخدامها في تشييد ابنيتهم بدون استعمال الملاط حيث كانوا يقومون بتركيب هذه الصخور مع بعضها بصورة دقيقة تثير الإعجاب فيقطعوها الى أشكال متطابقة تتداخل مع بعضها بحيث لا تترك اي فراغ بينها و هذه الطريقة تعتبر أكثر فعالية في مواجهة الزلازل التي يكثر حدوثها في إمبراطورية الانكا من الجدران المبنية بالملاط التي تتهدم بسرعة و ككتلة واحدة , و قد أصبحت هذه الجدران لغزا أخر من الغاز الانكا التي عجز العلماء عن حلها , فبعض الصخور الضخمة المستعملة في تركيب الجدران يتجاوز وزنها الخمسين طنا و نقل هكذا صخور بدون استخدام العجلات و حيوانات النقل كالخيول يبقى معضلة يصعب حلها و فهمها رغم العديد من النظريات التي حاولت تفسيرها و قد اصبحت هذه الصخور دليلا و حجة لدى البعض من مروجي نظريات قوى ما وراء الطبيعة الذين ادعوا ان الانكا كانوا يستعملون الات متطورة مجهولة في عملهم او انهم كانوا على علاقات مع مخلوقات فضائية متطورة (4) , و في الحقيقة ان الكثير من الغموض الذي يحيط بحضارة الانكا سببه عدم وجود لغة مكتوبة لديهم رغم انهم كانوا يستعملون طريقة غريبة لتدوين حساباتهم تقوم على عمل مجموعة من العقد على خيوط مصنوعة من وبر حيوان اللاما و الارجح انها كانت وسيلة للحساب و ليست لغة مكتوبة.

كانت مدينة ماشو بيشو تعتمد في الحصول على الماء على الينابيع القريبة منها و التي ينقل مائها الى جميع ابنية عن طريق شبكة من القنوات الحجرية ,  كما كانت تعتمد في غذائها على المحاصيل التي كانت تزرع فوق المصاطب الحجرية الاصطناعية المحيطة بالمدينة و التي كانت تساهم ايضا في منع انجراف التربة.
و يعتقد العلماء ان المدينة تم هجرها كليا في اواسط القرن السادس عشر أي قبل وصول الغزاة الاسبان الى المنطقة بفترة قصيرة و يرجحون ان السبب وراء ترك المدينة هو اصابة سكانها بوباء الجدري الذي قضى على نسبة كبيرة منهم و نتيجة لذلك فقد هجر الناس المدينة و نسوها لقرون طويلة بقت خلالها مختبئة عن عيون العابثين.

اليوم يتم الوصول الى المدينة بواسطة طريق قديم يصعد من الوادي و تستغرق الرحلة مشيا على الاقدام 2-4 ايام و قد ساهم طول الطريق و عدم وجود وسائل نقل حديثة في قلة عدد السياح و لذلك حاولت الحكومة البيروية في الاونة  الاخيرة  بناء جسر يسهل وصول الزوارالى المدينة و بناء فنادق و منتجعات فيها الا ان هذا المشروع جوبه بمعارضة شديدة بسبب الخوف من ان يؤدي ازدياد عدد السياح الى تدمير الاثار.
يبقى ان نذكر ان مدينة ماشو بيشو هي من ضمن الاثار المدرجة في قائمة التراث العالمي لليونسكو كما تم انتخابها كإحدى عجائب الدنيا السبع الجديدة عام 2007.