الجمعة، 17 أبريل 2015

الهولوكوست



"الهولوكوست" (Holocaust) هو  القتل المنظم  لما يقارب ستة ملايين يهودي على يد النظام النازي والمتعاونين معه خلال الحرب العالمية الثانية. وكلمة الهولوكوست يونانية الأصل معناها "التضحية بالنار". وكان النازيون الذين تولوا السلطة في ألمانيا في كانون الثاني/يناير 1933 يستعملون لغة مهذبة لإخفاء حقيقة جرائمهم وكانوا أيضاً يعتقدون أنهم الجنس الأفضل وأن اليهود دونيون حيث كانت حياتهم لا تساوي شيئًا, ويشكلون تهديدا لما يسمى المجتمع العنصري الألماني.
وأثناء فترة الهولوكوست؛ استهدف النازيون فئات أخرى من البشر بسبب "دونيتهم العرقية" مثل: روما/جبسيس (الغجر)، والمعاقين، وبعض الشعوب السلافية (البولنديين، والروس، وغيرهم). وكانت مجموعات أخرى مضطهدة بسبب إنتمائها السياسي أو المنهجي أو السلوكي، كالشيوعيين والاشتراكيين وجماعة شهود يهوه، والمثليين جنسيا
. .
ما هو الهولوكوست؟
في 1933؛ بلغ تعداد اليهود في أوروبا أكثر من تسعة ملايين. وكان يعيش معظم اليهود الأوروبيون في الدول التي كانت الدولة النازية ستحتلها خلال الحرب العالمية الثانية. قبل عام 1945، قتل الألمان والمتعاونون معهم حوالي اثنين من كل ثلاثة يهودي أوروبي كجزء من 'الحل النهائي' وهو السياسة النازية لقتل 'يهود أوروبا'.ورغم أن اليهود كانوا هم المقصودين من العنصرية النازية؛ إلا أن أعداد الضحايا بلغت 200000 من الغجر. كما قتل 200000 معاق ذهنيًا أو جسديًا في برنامج "القتل الرحيم".

ومع انتشار الطغيان النازي في أوروبا؛ عبث النازيون في الملايين من الأفراد اضطهادًا وقتلاً. فقد لقي ما يزيد على ثلاثة ملايين سجين سوفييتي حتفهم قتلاً أو جوعًا أو نتيجة المرض أو الإهمال أو سوء المعاملة. واستهدف الألمان أهل الفكر البولنديين من غير اليهود فقتلوهم، وأجبروا الملايين من المواطنين البولنديين والسوفييت على الأعمال الشاقة في ألمانيا أو بولندا المحتلة. ومنذ السنوات الأولى للنظام النازي؛ يعرض المثليون وذوو السلوك الغير مقبولة اجتماعيًا إلى الاضطهاد. كما كان من بين الفئات المستهدفة كل المخالفين سياسيًا (كالشيوعيين والاشتراكيين وأعضاء نقابات العمال) والمخالفين دينيًا (مثل شهود يهوه). ولقي العديد من أولئك حتفهم نتيجة الحجز وسوء المعاملة.

إدارة سياسة "الحل النهائي"
خلال السنوات الأولى من النظام النازي أسست الحكومة الاستراكية الوطنية محتشدات لسجن معارضين سياسيين للنازية. وقبل اندلاع الحرب حشدت الشرطة والـ SS يهود وروما وغيرهم من ضحايا الحقد العرقي والعنصري. لحشد ومراقبة السكان اليهود، وكذلك فيما يتعلق بتسهيل ترحيلهم في وقت لاحق أسس الألمان والمتعاونين معهم أحياء يهودية تسمى "غيتو" وأيضا محتشدات عبور ومخيمات ومعسكرات العمل القسري لليهود خلال سنوات الحرب. وأنشأت السلطات الألمانية أيضاالعديد من محتشدات العمل القسري، في المنطقة التي تسمى 'الرايخ الألماني الكبير' وفي الأراضي التي احتلتها ألمانيا، لغير اليهود الذين العمال الألمان يسعون إلى استغلالهم.
تلا ذلك غزو الاتحاد السوفيتي في حزيران/يونيو 1941؛ فعملت وحدات القتل المتنقلة "Einsatzgruppen" على تنفيذ القتل الجماعي ضد اليهود والغجر والمسؤولين في السوفييت والحزب الشيوعي. فلقي أكثر من مليون يهودي بين رجل وامرأة وطفل حتفهم على يد وحدات الشرطة الألمانية، مدعومة بوحدات من الفيرماخت و Waffen SS. وبين 1942 و 1944؛ عملت ألمانيا النازية على ترحيل أغلب اليهود من ألمانيا والمناطق المحتلة ومن مناطق سلطات الحلف إلى مراكز القتل التي غالبا ما تسمى بمحتشدات الإبادة حيث كانوا يقتلون في أماكن أنشئت خصيصًا للقتل بالغاز.
نهاية الهولوكوست
وفي الأشهر الأخيرة من الحرب؛ أجبر حراس القوات الخاصة نزلاء المحتشدات على الخروج في مسيرات الموت في محاولة لمنع تحرير الحلفاء لأعداد كبيرة من السجناء. وعندما تحركت قوات الحلفاء في أوروبا في مجموعة من الهجمات على ألمانيا؛ بدأوا في المواجهات وتحرير السجناء في محتشدات التجميع الذين نجا العديد منهم من مسيرات الموت. استمرت المسيرات حتى 7 مايو 1945، اليوم حين القوات المسلحة الألمانية استسلمت دون قيد أو شرط للحلفاء. وللحلفاء الغربيين، انتهأت الحرب العالمية الثانية رسميا في أوروبا في اليوم التالي، 8 أيار/مايو (يوم ف (فكتوري Victory)، في حين أعلنت القوات السوفياتية 'يوم النصر' يوم 9 مايو 1945. وانتهت الحرب العالمية الثانية في أوروبا
في أعقاب المحرقة، عثر الكثير من الناجين من الحرب على مأوى في مخيمات الأشخاص المشردين (DP) التي تديرها الدول المتحالفة. بين عامي 1948 و1951، هاجر تقريبا 700,000 يهودي إلى إسرائيل، بما في ذلك 136,000 من المشردين اليهود من أوروبا. وهاجر آخررون من المشردين إلى الولايات المتحدة ودول أخرى. أغلق محتشد المشردين الأخير أبوابه في عام 1957. الجرائم التي ارتكبت خلال المحرقة دمرت معظم الجماعات اليهودية الأوروبية وحطمت مئات الجاليات اليهودية في أوروبا الشرقية المحتلة تماما.

أثناء حكم أدولف هيتلر تم تنفيذ الإضطهاد والتمييز العنصري ضداليهود على مراحل. فبعد تولي الحزب النازي للسلطة، نتج عن العنصرية المدعمة من السلطات قوانين معادية لليهود ومقاطعات و"الفصل بين الآري وغير الآري" ومذابح "ليل الزجاج المكسور"(Kristallnacht)، والتي هدفت كلها إلى العزل المنظم لليهود عن المجتمع الألماني وطردهم خارج ألمانيا.
تطور السياسة المعادية لليهود
بعد اجتياح ألمانيا لبولندا في سبتمبر 1939 (بداية الحرب العالمية الثانية)، تطورت سياسة معادية لليهودية إلى خطة شاملة لإعتقال وإبادة اليهود الأوروبيين نهائيًا. ففي بادئ الأمر، أسس النازيون الأحياء القصديرية لليهود "الغيتو" في "جنرالجوفرنمنت" (Generalgouvernement) (مقاطعة في وسط شرق بولندا التي أسس فيها الألمان الحكومة المدنية الألمانية) و"وارتاجو" (منطقة بولندا الغربية التي ضمتها ألمانيا لها). ولقد تم نفي اليهود البولنديين ويهود أوروبا الغربية إلى هذه الأحياء القصدرية اليهودية حيث كانوا يعيشون قي أحياء مكتظة وظروف غير صحية ونقص من التغذية.

بدايات عمليات قتل ساحقة  .
بعد اجتياح ألمانيا للإتحاد السوفيتي في يونيو 1941، بدأت قوات الأمن الخاصة ووحدات الشرطة (الذين ينشطون كوحدات قتل متنقلة) عمليات القتل التي استهدفت الجاليات اليهودية بأكملها. وفي خريف سنة 1941 قامت قوات الأمن الخاصة بإدماج عربات القتل المتنقلة. تلك العربات المجهزة بأمبوب الإجهاد أُعيد تركيبها لتضخ غاز مونوكسيد الكاربون السام للفضائات المغلقة قاتلتاً هؤلاء المنحصرين داخلها ولتكمل تواصل عمليات الرمي بالرصاص.
بعد اجتياح الاتحاد السوفيتي بأربعة أسابيع في 7 يونيو 1941 كلف هتلر قائد قوات الأمن الخاصة هاينريش هملر بالمسؤولية على كل الشؤون الأمنية في الأراضي السوفيتية المحتلة. أعطى هتلر صلوحية شاسعة لهملر للتصفية الجسدية لأي خطر متأتي يهدد النظام الألماني القائم. وبعد أسبوعين في الحادي والثلاثين من يوليو عام 1941، منح هيرمان جويرنج حق إجراء إعدادات لرينهارد هايدريخ, جينيرال قوات الأمن الخاصة, وذلك لتنفيذ "الحل الشامل للقضية اليهودية."
مراكز القتل

، كلف "هينريخ هيملر" زعيم قوات الأمن الخاصة "أوديلو جلوبوكنيك" (قائد قوات الأمن الخاصة والشرطة لمقاطعة لوبلن) بمهمة تنفيذ خطة القتل المنظم ليهود "جنرالجوفرنمنت". وفي النهاية تم إطلاق الإسم المشفر "عملية رينهارد" على الخطة، على اسم هايدريخ (الذي أوكلت لهم مهمة تنفيذ "الحل النهائي" والذي اغتاله المناصرون التشيكيون في مايو 1942). ومن هذا المنطلق تم تأسيس ثلاثة محتشدات إبادة في بولندا كجزء من "عملية رينهارد" – ألا وهم "بيلزيك وسوبيبور وتريبلينكا".
أستعمل محتشد مايدانيك من حين إلى آخر كمكان لقتل اليهود المقيمين في (Generalgouvernement). كان به غرف الغاز حيث قتلت قوات الأمن الخاصة عشرات الآلاف من اليهود والأشخاص الضعفاء المحكوم عليهم بالأعمال الشاقة. قتلت قوات الأمن الخاصة والشرطة 152 ألف على الأقل, أغلبهم يهود ومن ضمنهم بعض الآلاف من الغجر داجل عربات الغاز بمركز خيلمنو للقتل المتواجد حوالي 30 ميلاً شمال غرب لودش. وفي ربيع 1942 حول هملر أرشفيتز الثاني إلى مرفئ للقتل. قتلت سلطات قوات الأمن الخاصة حوالي مليون يهودي من دول أوروبا المختلفة بأوشفيتز بيركيناو.
قتلت قوات الأمن الخاصة والشرطة الألمانية ما يقارب عن 2.700.000 يهودي بمراكز القتل سواء اختناقاً بواسطة الغاز السام أو رمياً بالرصاص. وبوجه عام، شجع "الحل النهائي" قتل يهود أوروبا بالغاز أو بإطلاق النار عليهم أو بوسائل أخرى. حيث بلغ عدد اليهود الذين لقوا حتفهم ستة ملايين يهودي, رجال ونساء وأطفال – ثلثي يهود أوروبا قبل الحرب العالمية الثانية.
.

فعلى عكس محتشدات الاعتقال، التي عملت بشكل أولى كمراكز الاحتجاز والسخرة، تُعتبر مراكز القتل (تُسمى أيضاً "محتشدات الإبادة" أو "محتشدات القتل") بشكل حصري "مصانع الموت". وقتلت قوات الأمن الخاصة والشرطة ما يقارب 2700000 يهودي بمراكز القتل سوى إخناقاً بالغاز السام أو رمياً بالرصاص.
تم إنشاء أول مركز القتل "شيلمنو" في وارتاجو (منطقة من مناطق بولندا الحليفة لألمانيا) وذلك في كانون الأول/ديسمبر 1941. حيث تم إعدام أغلب اليهود، بالإضافة إلى الغجر، بالغاز في عربات الغاز المتنقلة. أما في عام 1942، في جنرال جفرنمنت (إقليم يقع داخل بولندا المحتلة)، أنشأ النازيون "بيلزيك" و"سوبيبور" و"تريبلينكا" في "عملية رينهارد" (Operation Reinhard) للقتل المنظم ليهود بولندا. حيث قتل قوات الأمن الخاصة ومتعاونوها حوالي 1.526.500 يهودي في الفترة ما بين مارس/آذار 1942 ونوفمبر/تشرين الثاني 1944.
فلقد تم إرسال أغلب المنفيين الذين وصلوا إلى المحتشدات إلى غرف الغاز على الفور (باستثناء أعداد صغيرة تم اختيارها لفرق العمل الخاصة المعروفة باسم وحدات الأسرى الخاصة)Sonderkommandos. يعتبر محتشد "أوشفتز-بيركناو" أكبر مركز القتل، والذي وصل عدد غرف الغاز المستخدمة فيه أربع غرف بحلول ربيع 1943 (باستخدام غاز الزيكلون ب). وفي ذروة عمليات النفي، بلغ عدد اليهود الذين تم إعدامهم بالغاز 6000 يهوديًا في محتشد "أوشفتز-بيركناو" في بولندا. كما تم إعدام أكثر من مليون يهودي وعشرات الآلاف من أسرى الحرب الغجر والبولنديين والسوفيت بالغاز في تشرين الثاني/نوفمبر 1944.
رغم أن العديد من الباحثين كانوا قد صنفوا محتشد "مايدانيك" كركز سادس للقتل, فإن البحوث المعاصرة سلّطت الضوء أكثر على الوظائف والعمليات بلوبلين/مايدانيك. وفي إطار عملية Reinhard ساعدت مايدانيك أولاً على حشد اليهود الذين وضعهم الألمان بصفة وقتية للعمل القسري. وكان مايدانيك أحياناً بمثابة جانب لقتل الضحايا الذين لم يكن ممكن قتلهم في مراكز القتل تحت عملية Reinhard: "بيلزيك" و"سوبيبور" و"تريبلينكا" الثاني. كما كان محتشد مايدانيك يحتوي أيضاً على مخزن للممتلكات والأغراض الثمينة التي تُؤخذ من الضحايا اليهود في مركز القتل.

لقد اعتبرت قوات الأمن الخاصة (SS) مراكز القتل أمرًا في غاية السرية. ولمحو كل آثار القتل بالغاز، تم إجبار وحدات الأسرى الخاصة على إزالة الجثث من غرف الغاز وحرقها. كما تم إعادة تمهيد أرضيات بعض مراكز القتل بينما تم تمويه محتشدات أخرى لإخفاء قتل الملايين.
بدأ النازيون في اختبار الغاز السام لأغراض القتل الجماعي في أواخر 1939 وذلك بقتل المرضى المصابين بأمراض عقلية "القتل الرحيم" (Euthanasia). والتعبير المهذب الذي أطلقه النازيون، "القتل الرحيم"، كان يشير إلى القتل النظامي لهؤلاء الألمان الذين اعتبرهم النازيون "لا يستحقون الحياة" بسبب المرض العقلي أو العجز البدني. وقد تم تأسيس ستة محتشدات غاز للإعدام كجزء من برنامج القتل الرحيم وهي: "بيرنبورج" و"براندنبورج" و"جرافنيك" و"هادامار" و"هارتهايم" و"سونين شتاين". وقد استخدمت مراكز القتل هذه غاز أول أكسيد الكربون المركز والمصنع كيميائيًا.
وبعد الاجتياح الألماني للإتحاد السوفيتي في شهر حزيران/يونيو 1941 وإجراء عمليات إطلاق النار الجماعي من قبل المجموعات المختصة بالقتل "وحدة القتل المتنقلة" (Einsatzgruppe) على المدنيين، قام الألمان باختبار عربات الغاز المخصصة للقتل الجماعي. عربات الغاز هي عبارة عن شاحنات كبيرة مغلقة بإحكام يتم فيها تحويل العادم الصادر عن المحرك إلى المقصورة الداخلية في المؤخرة. وبدأ استخدام عربات الغاز بعد تزمر أعضاء المجموعة المختصة بذلك إزاء تعرضهم للإجهاد في المعارك والألم النفسي الناجم عن إطلاق الرصاص على أعداد كبيرة من النساء والأطفال. وقد ثبت كذلك أن عمليات القتل بالغاز أقل تكلفة وأكثر فعالية. و قامت المجموعات المختصة بالقتل (وحدة القتل المتنقلة) بقتل مئات الآلاف من الأشخاص، معظمهم من اليهود وقبائل الجبسي (الغجريين) والمرضى العقليين. وفي عام 1941، قررت "القوات الخاصة"(SS) أن ترحيل اليهود إلى مراكز القتل (لحرقهم بالغاز) كان يعتبر بمثابة أكثر الطرق فعالية لتحقيق "الحل النهائي". وفي نفس العام، قامت القوات الخاصة والشرطة بتأسيس محتشد "شيلمنو" في بولندا. وتم قتل اليهود من منطقة لودج ببولندا وقبائل الغجر هناك في عربات الغاز المتنقلة.
وفي عام 1942، بدأ القتل الجماعي النظامي في غرف الغاز الثابتة (بواسطة غاز أول أكسيد الكربون المتولد من محركات الديزل) في محتشدات "بلزاك" و"سوبيبور" و"وتريبلينكا"، وكلها في بولندا. وبينما كان يتم "إنزال" الضحايا من عربات الماشية، كان يتم إخبار غالبيتهم بأنه يجب تطهيرهم في "حجرات الاغتسال." وأحيانًا كان يقوم الحراس الألمان ومساعدوهم بالصياح على الضحايا وضربهم للدخول إلى "حجرات الإغتسال" وأيديهم مرفوعة للسماح بدخول أكثر عدد ممكن من الأشخاص في غرف الغاز. فكلما زادت كثافة المشحونين في غرفة الغاز، زادت سرعة اختناق الضحايا

وكان النازيون يبحثون باستمرار عن المزيد من وسائل الإبادة الفعالة. ففي محتشد "أوشفتز" في بولندا، قاموا بإجراء تجارب على غاز "زيكلون ب" (المستخدم سابقًا في عمليات التطهير بالبخار) عن طريق قتل حوالي 600 أسير حرب سوفيتي بالغاز بالإضافة إلى 250 معتقلاً مريضًا في أيلول/سبتمبر 1941. كانت قذائف "زيكلون ب" تتحول إلى غاز مميت عند تعرضها للهواء. وقد ثبت أنها أسرع طريقة للقتل بالغاز وتم إختيارها كوسيلة القتل الجماعي في "أوشفتز". وفي أوج عمليات الترحيل، تم قتل حوالي 6000 يهودي بالغاز يوميًا في محتشد "أوشفتز".
وعلى الرغم من عدم تصميم بعض محتشدات الإعتقال، مثل "شتوت هوف" و"ماوت هاوزن" و"زاكسين هاوزن" و"رافنز بروك"، خصيصًا كمحتشدات إبادة، إلا أنها أيضًا كانت تحتوي على غرف غاز للإعدام. وقد كانت غرف الغاز للإعدام صغيرة نسبيًا، وقد تم تشييدها لقتل هؤلاء المعتقلين المحكوم عليهم من قبل النازيين بأنهم "غير ملائمين" للعمل. ومعظم هذه المحتشدات استخدمت غاز "زيكلون ب" كأداة القتل في غرف الغاز للإعدام.

الأربعاء، 4 فبراير 2015

كاليجولا... جنون الطاغية


كاليجولا..




امبراطور روماني وهو أشهر طاغية في التاريخ الإنساني المعروف بوحشيته وجنونه وساديته وله صلة قرابة من ناحية الام للامبراطور الأشهر نيرون الذي احرق روما
 واسم كاليجولا الحقيقي هو (جايوس)
وهوالثالث من بين ستة أشقاء ، نشا في بيت ملكي و تمت تربيته بين العسكر

، أطلق عليه اسم (كاليجولا) أي الحذاء الروماني لأنه كان يلبس حذاء

صغير من صنع والدته ، و لكنه ظل يحمل هذا الاسم حتى نهاية حياته.

في السابعة من عمره


لم يكن كاليجولا مجرد طاغية حكم روما بل كان نموذجا للشر وجنون العظمة والقسوة المجسمة في هيئة رجل أضنى الجنون عقله لدرجة اوصلته الي القيام بافعال لا يعقلها بشر أو يتصورها عقل والتي فسّرها علماء النفس علي انها نتيجة اضطرابه النفسي والذهني ولكن رغم كل الاعمال المرعبة التي قام بها إلا أنه يجب الاعتراف أنه كان عقل مريض احرقته العبقرية فقد اثبت التاريخ ان الجنون والعبقرية كثيرا ما يجتمعان فعندما نسمع عما كان يقوم به "كاليجولا "ندرك مدي هول وعبقرية تلك العقلية المريضة في ابتكار تلك الاهوال والتلذذ باستفزاز الاخرين : مثلا كان" كاليجولا" يتفنن في اغاظة الشعوب التي تحكمها روما فمثلا قام ببناء تماثيل عملاقة له في الهيكل في مدينة اورشليم ليستفز مشاعر اليهود هناك وقام بنقل بعض الاثار الفرعونية من مصر كمسلة تحتمس الثالث. تأليه الذات وجنون العظمة أما الأكثر شهرة من أفعال الطاغية فهو انه كانت استبدت به فكرة انه اله على الأرض و ملك هذا العالم باسره يفعل ما يحلو له فذات مرة ذهب يسعي في طلب القمر لا لشيء سوي انه من الاشياء التي لا يملكها. ولهذا استبد به الحزن حين عجز عن الحصول عليه وكثيرا ما كان يبكي عندما يري انه برغم كل سلطانه وقوته لا يستطيع ان يجبر الشمس علي الشروق من الغرب أو يمنع الكائنات من الموت.

ولكن لنعد الى الوراء قليلا.....


 ، توفي والده اثر عودته من إحدى الحملات

العسكرية ، ويعتقد بعض المؤرخين إن الإمبراطور طبريوس ، هو الذي قام

باغتياله لخوفه من منافسته له على العرش بسبب أصله النبيل وشعبيته

الكبيرة على مستوى الجيش والشعب، و على اثر ذلك انتقل كاليجولا

للعيش مع والدته وإخوته ، وبسبب تدهور العلاقة بين والدته وبين

الإمبراطور طبريوس أمر الإمبراطور بإعدامها ونفي احد إخوته وسجن آخر

وقتله تجويعا ، وكان ذلك في إطار انتقام الإمبراطور من عائلات الذين

اتهمهم بالتآمر على العرش والخيانة.


واثر إعدام والدته وشقيقه ، انتقل كاليجولا مع إخوته الثلاثة المتبقين

للعيش في جزيرة كابري التي أصبحت في الوقت نفسه مقرا للإمبراطور

طبريوس الذي انتقل إليها عام ٢٦ للميلاد ، وهناك تمكن من الالتحاق

بعمل في قصر الإمبراطور

، ومما يثير دهشة المؤرخين انه الإمبراطور لم

يقدم على قتله ،

 بالرغم مما فعله في عائلته، و يرجحون بان السبب في

ذلك يعود إلى براعة كاليجولا الكبيرة في التملق و التذلل ، فرغم أن

الإمبراطور قتل والديه و إخوته ، إلا إن كاليجولا كان بارعا في إخفاء مشاعر



الكره التي يكنها تجاهه والتظاهر بأنه خادم مخلص ومطيع ، حتى أن

الإمبراطور قال عنه ذات مرة : (ليس هناك خادم أفضل و لا سيد أسوء من

كاليجولا).

علاوة على ذلك فانه خلال السنوات التي قضاها في خدمة عرش

طبريوس تمكن كاليجولا من توطيد علاقاته مع كبار رجال القصر في

مقدمتهم ماركو رئيس الحرس الإمبراطوري، الذي كان من أسباب عدم إقدام

الإمبراطور على إعدامه، حيث كان يمتدح ولاءه وإخلاصه أمامه حتى يزيل

في نفسه أي دافع للأمر بإعدامه .

في العام الخامس والثلاثين للميلاد ،

 ابتسم الحض لكاليجولا فابن

الامبرطور الوحيد توفي ولم يكن له من الذرية سوى حفيد لم يبلغ الحلم،

وكان معظم رجال العائلة المالكة أما متوفيين أو قتلى، وأصبح احد

المرشحين لتولي عرش الإمبراطورية الرومانية

، وفي العام السابع والثلاثين

كان الامبرطور طبريوس أسير للمرض، ووفقا لروايات بعض المؤرخين فان

كاليجولا وبعض أتباعه عجلوا بوفاته بإرسال احد الجنود الذي قام بخنقه

بوسادة نومه.

ولكون جميليوس حفيد الإمبراطور الراحل لا يزال صغيرا فقد نودي

على كاليجولا إمبراطورا ،

وقد استقبله الشعب الروماني بالترحيب ، ووفقا

لروايات بعض المؤرخين فقد استمرت احتفالات تنصيب كاليجولا ما يناهز

الثلاث شهور ، أقيمت خلالها المهرجانات الراقصة و الصاخبة ، و نظمت

مسابقات المصارعة الرومانية التي اشتهر بها الرومان، وتمت التضحية بأكثر

من ١٦٠ ألف حيوان تقربا وشكرا للآلهة ، و قد اجمع جميع المؤرخين بان

الشهور السبع الأولى من حكم كاليجولا كانت في غاية السعادة والهدوء،

فقد قام كالجولا بتخفيض الضرائب على المواطنين الرومان ، و قام بتوزيع

الأموال على الفقراء

، و أقام المهرجانات و الاحتفالات الضخمة ليسعد

الجماهير، كما قام بإلغاء المحاكم التي أقامها الإمبراطور طبريوس للنبلاء و

التي يتم بموجبها إعدامهم ومصادرة أموالهم. إلا إن سعادة و غبطة روما

بإمبراطورها الجديد لم تدم طويلا ،

ففي أكتوبر من عام ٣٧ للميلاد ،

مرض الإمبراطور كاليجولا فجأة وسقط صريع الفراش ، و أصبحت حالته

وخيمة حتى أيقن البعض بهلاكه ، و خيم الحزن على روما بسبب مرض

إمبراطورها الحبيب ، و مع أن المؤرخين لم يذكروا طبيعة المرض ، هل هو

جسدي أم عقلي إلا إن المؤرخ فيلو ، و هو من المعاصرين لكاليغولا ، قال

بأن إفراط الإمبراطور في الاستحمام و شرب الخمر و ممارسة الجنس كان

هو السبب الرئيسي لمرضه ،

كما كان كاليجولا يعاني من الصرع منذ

طفولته ،

ولو أن كاليجولا توفي في مرضه هذا لكتبت سيرته بالذهب! ولكان

من أجمل حكام اثنيا ، إلا انه جسده تعافى من مرضه وعاد للحياة مرة

أخرى، إلا انه لم يكن ذلك الإمبراطور الذي أحبه شعبه ، فقد تغير كليا عما

كان في ديباجة عهده ، في بداية الأمر أصبح نومه قليلا بسبب معاناته من

الأحلام المزعجة والكوابيس المرعبة ، حتى طبعه الهرب من غرفته وهيامه

على وجهه داخل قصره بانتظار طلوع الشمس كل صباح، ثم انه أصبح

قاسيا وساديا، ومن هنا بدا مسلسل الدم والطغيان في حياته .


إن غلب المؤرخين يتفقوا على أن المرض الشديد الذي أصابه كان

السبب الرئيسي لهذا التحول التناقضي في سلوك كاليجولا ، حيث تسبب

له بمرض عقلي غامض جعله بهذه الوحشية التي لم تعهد منه خلال سنوات

حياته الماضية، خاصة وانه كان يعاني من مرض الصرع، إلا إن مؤرخين

آخرين يعتقدون إن المرض لم يكن السبب الوحيد، فقد عانى كاليجولا من

طفولة حزينة ، وتخللها وقوفه على الصراعات الدامية على الحكم والتنازع

الدموي على المراكز القيادية في القصر والدولة الرومانية، وعندما كان يعمل

في بلاط الإمبراطور طبريوس كان يحضر معه مهرجانات القتل والجنس

الجماعي ، ولا شك إن هذه العوامل ساهمت في ظهور شخصيته على

حقيقتها عندما تولى السلطة.


كان (كاليجولا) يخاطب سيّافه قبل الشروع في القتل: "إقتل بترّويّ.. دعه يتذّوق طعم الموت جيداً"، ثم ينظر في عين القتيل قبل تنفيذ حكم إعدامه ويتثائب قائلاً بجدية: "إن أكثر ما يُثير إعجابي- هو اللامبالاة" ! أيّ وحشية وتبلّد هذا ؟!



كما أنه فرض السرقة العلنية في روما وبالطبع كانت مقصورة عليه فقط إذ اجبر كل اشراف روما وافراد الامبراطورية الاثرياء علي حرمان ورثتهم من الميراث وكتابة وصية بان تؤول املاكهم الي خزانة روما بعد وفاتهم وبالطبع خزائن "كاليجولا" إذ انه كان يعتبر نفسه روما فكان في بعض الأحيان يامر بقتل بعض الاثرياء حسب ترتيب القائمة التي تناسب هواه الشخصي كي ينقل ارثهم سريعا اليه دون الحاجة لانتظار الامرالالهي! وكان يبرر ذلك بعبارة شهيرة جدا" اما نا فاسرق بصراحة" فكان يري انه طالما اعترف بسرقته فهذا مباح.


وأيضا اضطرابه النفسي يظهر واضحا في التلاعب بمشاعر حاشيته الذين افسدوه وجعلوه يتمادى في ظلمه وقسوته بصمتهم وجبنهم وهتافهم له في كل ما يقوم به خوفا من بطشه وطمعا في المزيد من المكاسب من وراء نفاقهم له وهذا حال كل طاغية في التاريخ لا يتجبر الا عندما يسمح له شعبه بذلك ويجبنوا عن مواجهته فذات مرة خرج علي رجاله بخدعة انه يحتضر وسيموت فبادروا بالطبع بالاعلان عن دعائهم له بالشفاء واستعدادهم للتضحية من اجله وبلغ التهور بالبعض ان اعلن رجل من رجاله" فليأخذ بوسيدون- اله البحار عند اليونانين- روحي فداء لروحه" واعلن اخر" مئه عمله ذهبية لخزانه الدولة لكي يشفي كاليجولا" وفي لحظتها خرج كاليجولا من مخبأه ينباهم ويبشرهم انه لم يمت ويجبر من اعلن وعوده المتهورة علي الوفاء بما وعد فاخذ من الثاني مئة عملة ذهبية وقتل الأول كي ينفذ وعده وكان وهو يقتله معجبا متأثرا بكل هذا الاخلاص !! وكانت عبارته التي يرددها لتبرير وتشريع القتل لنفسه " غريب اني ان لم اقتل اشعر باني وحيدا " والعبارة الاخري " لا ارتاح الا بين الموتي" ! فهاتان العباراتان تبرزان بوضوح تام ملامح الشخصية المريضة لكاليجولا والتي أبدع الكاتب العبثي المبدع الفرنسي (البير كامو) في وصفها في مسرحيته(كاليجولا) والتي قدم فيها رؤيته لحياة هذه الطاغية ببراعة وحرفية. ومن المضحكات المبكيات المذهلات في حياة كاليجولا ما قام به عندما اراد ان يشعر بقوته وان كل امور الحياة بيديه ورأى ان تاريخ حكمه يخلو من المجاعات والاوبئة وهكذا لن يتذكره الاجيال القادمة فاحدث بنفسه مجاعة في روما عندما اغلق مخازن الغلال مستمتعا بانه يستطيع ان يجعل كارثة تحل بروما ويجعلها تقف أيضا بامر منه فمكث يستلذ برؤية اهل روما يتعذبون بالجوع وهو يغلق مخازن الغلال!كذلك من من نفس المنطق المختل نفهم كلمته " سأحل انا محل الطاعون" ! حتى الاتباع لا يأمنون غدر الطغاة و قد اخذ جنون كاليجولا يزداد يوما بعد يوم والذي اسهم أكثر في تعاظم جنونه وبطشه ان الشعب كان خائفا منه وكذلك كان رجاله رغم أنهم كان بإمكانهم ان يجتمعوا ويقضون عليه لكنهم استسلموا للخوف فزاد ظلمه و ظل رجاله يؤيدونه في جبروته حتي لحقهم بدورهم فذات يوم استبدت به البارانويا عندما راي أحد رجاله يدعي "ميريا" يتناول عقارا ما فظن انه يتناول دواء مضادا للسم خوفا من أن يقوم كاليجولا بقتله وهكذا قرر كاليجولا ان يقتله لانه ظن به السوء وانه كان من الممكن ان يرغب فعلا في قتله بالسم وبهذا فهو قد حرمه من تلك المتعة ! فقتله كاليجولا رغم أن ميريا كان يتناول عقارا عاديا!! و ازداد جنون كاليجولا عن حده حتي جاءت لحظة الحادثة الشهيرة والتي ادت الي مصرعه في النهاية إذ دخل كاليجولا مجلس الشيوخ ممتطيا صهوة جواده العزيز"تانتوس" ولما ابدي أحد الاعضاء اعتراضه علي هذا السلوك قال له كاليجولا" انا لا ادري لما ابدي العضو المحترم ملاحظة علي دخول جوادي المحترم رغم أنه أكثر اهمية من العضو المحترم فيكفي انه يحملني "! وطبعا كعادة الحاشية هتفوا له وايدوا ما يقول فزاد في جنونه واصدر قرارا بتعيين جواده العزيز عضوا في مجلس الشيوخ! وطبعا هلل الاعضاء لحكمة كاليجولا في تعبير فج عن النفاق البشري وانطلق كاليجولا في عبثه الي النهاية فاعلن عن حفلة ليحتفل فيها بتعيين جواده المحترم عضوا في مجلس الشيوخ وكان لابد علي اعضاء المجلس حضور الحفل بالملابس الرسمية. ويوم الحفل فوجئ الحاضرون لان المأدبة لم يكن بها سوي التبن والشعير! فلما اندهشوا قال لهم كاليجولا انه شرف عظيم لهم ان يأكلوا في صحائف ذهبية ما ياكله حصانه وهكذا اذعن الحضور جميعا لرغبة الطاغية واكلوا التبن والشعير! الا واحدا كان يدعي" براكوس " رفض فغضب عليه كاليجولا وقال " من أنت كي ترفض ان تاكل مما ياكل جوادي واصدر قرارا لتنحيته من منصبه وتعيين حصانه بدلا منه" !! وبالطبع هلل الحاضرون بفم مليء بالقش والتبن واعلنوا تاييدهم لذلك الجنون!.


إلا أن "براكوس " قد ثار وصرخ في كاليجولا والاعضاء واعلن الثار لشرفه وصاح في اعضاء مجلس الشيوخ" الي متي يا اشراف روما نظل خاضعين لجبروت كاليجولا " وقذف حذاءه في وجه حصان كاليجولا وصرخ " يا اشراف روما افعلوا مثلي استردوا شرفكم المهان" فاستحالت المعركة بالاطباق وكل شيء وتجمع الاعضاء وأعوان كاليجولا عليه حتى قضوا عليه وقتلوا حصانه أيضا ولما وصل الخبر الي الشعب خرج مسرعا وحطم كل تماثيل كاليجولا ومعها أيضا تماثيل افراد عائلته كنيرون.

لكن الارجح انه قيل بأنه في يوم ما سخر من أحد حراسه الذين يحمون ظهره واقسموا على حمايته بتشبيه صوته بصوت المرأة واغتصب زوجة حارس اخر, وادى ذلك إلى حقد هذين الاثنين عليه ومرت الايام وحقدهما يكبر معها وفي يوم ما كان كاليجولا يسير في أحد الممرات المظلمه التي اعتاد ان يسير فيها وحيدا فأبصر في اخر الممر هذين الحارسين تسائل عن وجودهما هنا في انتظاره وعندما ابصرهما سلا سيفهما علم انهما قد عقدا العزم على قتله ووقتها لم يكن كاليجولا يحمل سلاحا فوثبا عليه وانهالوا على جسده بالطعنات المستمره وتركوه غارقا في بركه دمائه الغزيره التي لطخه الممر. وعندما انتشر خبر قتله كذب كثير من شعبه ذلك وقالوا انه قد زيف خبر وفاته وانه يتربص بالذين يبتهجون لموته ليضعهم في القائمة السوداء عنده التي تشهد بنهايتهم الشنيعه على يديه....




الثلاثاء، 27 يناير 2015

ارسطو




بداية ..
 الموضوع سرد تاريخي عن ارسطوو ..

ولد في مدينة اسطاغيرامقدونيا سنة 384 ق.م،

وكان والده نيكوماخوس طبيباً لدى الملك أمينتاس الثالث  جد الاسكندر الأكبر، وقد ترك أرسطو مقدونيا إلى أثينا في السابعة عشرة من عمره لينال تعليمه والتحق فيها باكاديمية افلاطون  وقد استمر في الأكاديمية نحواً من عشرين سنة قبل أن يغادر اثينا في 348 ق.م.
بعد وفاة أفلاطون سنة 347 ق.م. ارتحل إلى آترنيوس إحدى المدن اليونانية في آسيا الصغرى، حيث تزوج شقيقة حاكمها هرمياس، وما هى إلا ثلاث سنوات وبعد إقامة قصيرة في جزيرة لسبوس، حتى تلقى دعوة من الملك فيليبوس المقدوني ليكون معلم ابنه الذي أصبح فيما بعد الاسكندر الكبير. وقد لازم أرسطو الاسكندر صديقاً، ومعلماً، ومستشاراً حتى قام سنة 334 ق.م بحملته الحربية الآسيوية، ومما يروى أن الاسكندر كان يرسل من البلدان التي يمر فيها نماذج من نباتاتها وحيواناتها إلى استاذه مساهمة منه في زيادة اطلاعه، وتسهيل ابحاثه ودراساته ، ومن هنا استطاع أرسطو ان يؤسس مايعتبر اول حديقة حيوان في العالم .
في أثينا سنة 332 ق.م، افتتح أرسطو مدرسة لوقيون . وقد عرف اتباعه بالمشائين لان أرسطو كان من عادته ان يمشي بين تلامذته وهو يلقي عليهم الدروس . وظل يدير مدرسته 13 عاماً .
على الرغم من عداوة الاثينين لمقدونيا التي استعبدتهم . اجتذبت مدرسة أرسطو الكثير من التلامذة ، وامست مركزاً للابحاث البيولوجيه والتاريخيه، والشئون الحكومية والاداريه، ولم يكن ثمة موضوع يناقش في أيام أرسطو لم يتطرق اليه في مدرسته، او في كتبه ، ويجلوه ويوضحه،ومن أشهر مؤلفاته " أورغانون،السياسة،فن الشعر، المنطق تاريخ الحيوانات ، وعلم الفلك .


إله أرسطو,..متحرك لايتحرك..

 إله أرسطو لا يفعل شيئا أبدا ، و ليست له رغبات ، و لا إرادة و لا هدف ،و هو (( حيوية خالصة ، لدرجة أنه لا يعمل أبدا ،و هو كامل كمالا مُطلقا ؛ لذلك ليس بمقدوره أن يرغب بأي شيء ؛ فهو لا يفعل شيئا ، و عمله الوحيد هو التفكر في جوهر الأشياء ... فإن وظيفته الوحيدة هي التفكر في ذاته ) لا يفعل شيئا أبدا ، و ليست له رغبات ، و لا إرادة و لا هدف ،و هو (( حيوية خالصة ، لدرجة أنه لا يعمل أبدا ،و هو كامل كمالا مُطلقا ؛ لذلك ليس بمقدوره أن يرغب بأي شيء ؛ فهو لا يفعل شيئا ، و عمله الوحيد هو التفكر في جوهر الأشياء ... فإن وظيفته الوحيدة هي التفكر في ذاته )
و المحرك الذي لا يتحرك متصف بالكمال لكنه خالٍ من القوة و ما تنطوي عليه من قابلية التحرك أو الصيرورة ، فهو المحرك الذي لا يتحرك، لأنه لو كان ينطوي على أي قدر من القوة لامكن انقطاع الحركة ،و هو محال ، فأوجب وجود محرك لا يتحرك ، حرّك المتحرك الأزلي الذي هو السماء الأولى

نشأة الكون و مكوناته في فلسفة أرسطو

اتخذ أرسطو مواقف فلسفية عديدة أوقعته في أخطاء و انحرافات منهجية فاحشة و كثيرة ؛ بعضها يتعلق بنشأة الكون و مكوناته ، و بعضها يتعلق بطبيعة العالم ، فهل هو أزلي أو مخلوق ؟ . و منها ما يتعلق بالعناصر المكونة للكون ،و بعضها الآخر يتعلق بألوهية العقول و الأجرام السماوية ،و الغاية من الوجود
كان أرسطو يقول بأن العالم باقٍ لا يزول، و أن (( الشمس تستمر في دورانها على الحالة التي نشاهدها ، كما هي كذلك قديما )) . والأفلاك لا تقبل الفساد و لا تتخرب.و السماء عنده ليست مُكوّنة و لا مُولدة ، و لا يمكن أن تقع تحت الفساد كما قال بعض الناس ،و لكنها (( لا مبدأ لها و لا منتهى في الدهر كله ، و هي علة الزمان ، الذي لا نهاية له مًحيطة به )) ، فالسماء دائمة غير واقعة تحت الفساد و الفناء .

و الكون عند أرسطو أزلي واجب الوجود ، لا بداية له و لا نهاية ، و كما هو أزلي في مادته فهو أزلي أيضا في حركته ،و المحرك الذي لا يتحرك هو محرك الحركة الأولى الأزلية . و زعم أنه استبان له و صح عنده- بناء على مقدماته- أن السماء غير مصنوعة و لا مكونة ، و أنها دائمة. و العالم قديم بمادته ،و صورته ، و حركته ، و أنواع موجوداته ،و لا يفسد فيه إلا أفراد أنواعه . فهو كله أزلي لا بداية له و لا نهاية  . الأجرام السماوية لا تخضع للتكَوّن و لا الفساد ، فاستحال عليها الحدوث ،أو التغير ، أو التلاشي ،و هي تدور في أفلاكها دورانا أزليا لا يطرأ عليها خلل قط.


 العناصرالخمسة المكونة للعالم عند أرسطو :
يعتقد أرسطو أن العالم مُكوّن من خمسة عناصر أزلية بسيطة التكوين، منها أربعة مُكونة لعاَلم ما تحت فلك القمر- العالم الأرضي- ، و الخامس مُكوّن لعاَلم ما فوق فلك القمر- العالم السماوي .
ففيما يخص العناصر الأربعة فهي عند أرسطو تتمثل في : التراب، و الماء، و الهواء ، و النار ،و هي جواهر بسيطة ، و مضادات قابلة للصيرورة و التحول ، لكنها غير قابلة للتحلل إلى عناصر أبسط منها ، تتكون منها جميع الكائنات الأرضية  . و أنكر أرسطو على الطبيعيين القائلين بأن الأجسام مكونة من مادة واحدة معينة ، و خطأهم لأن قولهم-حسب رأيه- يُمايز العناصر جوهريا ،و يجعلها مُتمايزة بالعَرَض فقط ، كالشكل ، و الحجم . لكن الملاحظة-حسب أرسطو- تدل على أنها تتباين بالخصائص و ليس بالأعراض ، كما أن العقل يدل على أن الاختلاف في العرض لا يُحدث اختلافا في الجوهر.

و رتب أرسطو تلك العناصر في عالم الكون الفساد- ما تحت فلك القمر- كالآتي : النار أعلاها , و التراب أسفلها ،و الهواء و الماء بينهما ، و يتصلان بهما هكذا: الهواء مُتصل بالنار، و الماء مُتصل بالتراب-الأرض- ،و الهواء و الماء كل منهما متصل بالآخر.

و أما العنصر الخامس فهو عند أرسطو عنصر بسيط ، لا يقبل الفساد و لا التكوّن ، لأنه لا ضد له ، و يسمى الأثير ، و مادته هي المكونة للأجرام السماوية . و هو يٌقابل العناصر الأربعة

في عالم الكون و الفساد ، لكن مادته تختلف عن مادتها ، لأنه جسم لا ضد له ، لذا فهو لا يتغير و لا يفسد ، بمعنى انه أزلي و لا يقبل التحولات التي تحدث للعناصر الأربعة في عالم الكون و الفساد.

و زعم أرسطو أن العناصر الأربعة مُكَوّنة من مادة سماها : الهيولى . و هي-حسب زعمه- موضوع غير معين في نفسه ، و أزلية حاملة لتلك العناصر ،و لا تُوجد مُفَارقة مُنفَصلة إلا في الذهن ، و لكنها توجد دائما متحدة في صورة ما بالجسم الذي تدخل في تركيبه . و هي ليست ماهية ،و لا كمية ، و لا شيئا داخلا في المعقولات التي هي أقسام الوجود . و لكنها قوة صرفة لا تُدرك في ذاتها،و إنما نضطر لوضعها ، و ندركها بالمماثلة كما ندرك الخط شيئا بغير صورة ، لأنه تارة يكون في صورة ، و طورا يكون في أخرى.

و تلك الهيولى هي في الحقيقة ليس لها وجود فِعلي مُستقل عن العناصر الأربعة و الأجسام التي تدخل في تركيبها ؛ فهي ليست من الموجودات ، و إنما (( هي تكتسب صفة الوجود لدى اتحادها بإحدى الكيفيات الأربع ، و هي : الحار ، و البارد ، و الرطب ،و الجاف ، التي يُقابلها : النار ، و الماء ، و الهواء ، و التراب . فتُصبح حينئذ أحد هذه الأجسام البسيطة )) . و قد أشار أرسطو إلى أن الهيولى لها شبه وجود ، فهي ليست عدماً، و ليست موجودا مركباً ، لكنها قريبة منه. و بمعنى آخر فهي مادة لا وجود لها بالفعل ، بل لها وجود بالقوة و حسب ، فهو عدم نسبي ،و ليس عدما محضا ؛ لكنها تستمد وجودها الفعلي من الصورة التي تتجوهر بها ، فتصبح بذلك لها القابلية للوجود . و لهذا فإن الصورة عند أرسطو هي الوجود الفعلي و ليست المادة ، لأن الصورة جوهر الشيء و ماهيته ،و سابقة للمادة .

و تلك المادة عند أرسطو هي المكونة لطبيعة الموجودات الطبيعية ، كمادة الخشب التي هي مادة الأشياء الخشبية ، و مادة البرونز التي يستمد كل شيء برونزي مادته منها كالتمثال البرونزي مثلا . و هي مادة ثابتة لا شكل لها ،و تبقى في (( كل حالة كما هي في ذاتها بلا تغير )) . و على أساس تلك المادة تحدث عملية التكوّن و الفساد ،و يحب أن تتوفر فيها أربعة عوامل ، أو علل و أسباب ، هي: المادة ، و الصورة ، و الفاعل و الغاية .
و المادة عند أرسطو لها وجودان : وجود بالقوة ، و وجود بالفعل ؛ الأول ليس وجودا بالمعنى الأصيل ، لكنه يختلف عن العدم المحض ، و الثاني هو الوجود الحقيقي للمادة حسب الصورة التي تظهر بها. و حسب أرسطو أن الآراء التي خالفته في قوله بالوجودين ، هي آراء عاجزة عن تفسير ظاهرة الصيرورة ، أو التغير في الكون ، و هي أخص ما يتميز بها عالمنا . و عليه فإنه : يستحيل تأويل هذه الظاهرة ما لم نُقر بأن بين الوجود و العدم طوراً ثالثا، و هو طور القوة ، أو الإمكان ، و إلا لم يكن بين الممكن و الممتنع فرق ، فأمكن للشيء أن ينبثق عن المُمتنع ،و امتنع له أن ينبثق عن المُمكن ، و هو مُحال، و لكان الحدوث أو التغير على سبيل الطفرة،و هو ما تُكذبه المُشاهدة ))


 أرسطو وألوهية العقول و الأجرام السماوية:
كان أرسطو يعتقد بتعدد الآلهة و يُسميها عقولا ، و يزعم أن عالم ما فوق فلك القمر-الأجرام السماوية- كلها ذات طبيعة إلهية . و تفصيل ذلك هو أنه قال بوجود عقول في العالم العلوي، و هي جواهر و محركات ، و عقول أزلية مفارقة للمادة ،و ليست هيولانية . و قد وصف العقول العشرة بأنها آلهة ،وهي خارجة عن الزمان ،و لا يُؤثر فيها . و جعل عددها يُساوي عدد الحركات و الكواكب، آخرها العقل الفعال ، الذي يُحرك فلك القمر . و هي محركات الأجرام السماوية و الطبيعية ، تحركها حركة أزلية دائمة .


 حركة الكون في فلسفة أرسطو:

زعم أرسطو أن الإله هو الذي حرّك العالم بواسطة الفلك المحيط ،و العقول الإلهية المحركة للأجسام السماوية ، حرّكه بحركة أولى أزلية. و قد تحرك بالاضطرار من المحرك الأول. و الإله عند أرسطو غير مُنشغل بالعالم ، فهو منشغل بتأمل ذاتي لا نهاية له ، لذا فهو حرّك العالم كما يُحرك المحبوب محبه من دون قصد منه. و لم يكن تحريكه علة فاعلة عن قصد و اختيار من الإله ،و إنما كان علة غائية بالنسبة للكون . فالإله يُحرك دون أن يتحرك كما يُحرك المعشوق عاشقه من دون أن يتحرك ؛ فالإله هو المعشوق يُحرك معشوقه عن طريق العشق . و بمعنى آخر أنه حرّك العالم على نحو ما تحركنا الأشياء المُشتهاة و اللذيذة ،و لاسيما المعقولة، من دون أن تتحرك هي.

 تلك الحركة ليست حادثة ،و لا تفنى و لا تفسد ، و هي متصلة الحركة و الزمان ، فزمانها مُتصل أزلي ،و لا يُمكن تصور بداية لزمانها ، لأن كل توقف يستلزم زمانا قبله ،و هكذا . فهي حركة أزلية متصلة و واحدة ، لا بداية لها ،و غير مُمكن أن تكون لها بداية. و حركة السماء الأولى مستوية بدرجة واحدة لا اختلاف فيها من حيث الشدة و الضعف ، فلو كانت مختلفة لظهر لنا آثار ذلك ،و لو كانت كذلك لتباعدت الكواكب عن بعضها في طول الدهر

اخيرا...
هل نجد لإلهيات أرسطو( ت 322 ق م ) مصادر و أصولا في التراث الفكري المعاصر لأرسطو و السابق له ، أم لا نجد لها ذلك ، لأنها من نتاج فكر أرسطو وحده فقط ؟ . و هل كان أرسطو يذكر مصادره المتعلقة بالإلهيات ؟ ،وإذا كان استفاد من فكر غيره في الإلهيات ، ففيما تمثل ذلك،و إلى أي حد بلغ ؟ . هذا التساؤلات و غيرها ستتضح أجوبتها فيما يأتي من مبحثنا هذا .
ففيما يتعلق بقول أرسطو بالمحرك الذي حرك العالم ،و قوله بتعدد الآلهة و ألوهية الأجرام السماوية ، فإن أقواما ،و بعض الفلاسفة المتقدمين قد سبقوه إلى القول بنفس قوله ، أو بما يقاربه جدا . منهم : أكسينوفانس ( ق: 5 ق م ) قال بأن الإله حرّك العالم من دون أن يتحرك . و قال أفلاطون ( ت 347 ق م ) : إن الإله هو المحرك الذي حرك الحركة الدائرية للعالم.

و اعتقد السومريون بتعدد الآلهة ، و زعموا أنها تسكن في الكواكب و النجوم . و قال البابليون بتعدد الآلهة، و قد سجلت ذلك ملحمة جلجامش البابلية ( ما بين: 1950-1550 ق م ) نصت على تعدد الآلهة،و عبادتها ،و خدمتها، من دون ذكر للمعاد الأخروي ، و هذا فيه تشابه كبير مع إلهيات أرسطو و قومه عامة فيما يتعلق بتعدد الآلهة و عدم القول بالمعاد الأخروي .

و أَلّهَ قدماء المصريين كثيرا من مظاهر الطبيعة ،و عبدوها ، منها عبادة السماء، و الشمس ، و القمر ،و غيرها من الأجرام السماوية . و ألّه الكلدانيون الأجرام السماوية ،و عنهم أخذه اليونان و العرب . و قد أشار أرسطو نفسه إلى أن الكلدانيين قالوا بألوهية الكواكب.
و نفس الأمر ينطبق على اليونانيين فاعتقدوا أن كل ما هو سماوي، فهو إلهي ، و قد ورد في ملحمة أسطورية يُونانية - تعود إلى القرنين : 8، و 7 قبل الميلاد- ، ورد فيها ذكر لتعدد الآلهة، و أنها أزلية كلها ، أروعها الإله البديع أيروس . و ألّهوا مختلف مظاهر الطبيعة العلوية السفلية و عبدوها ، كالسماء ، و الأرض . و عندما قال أرسطو بألوهية العقول المفارقة أشاد بأجداده اليونانيين الذين قالوا بأُلوهية الأجرام السماوية .
و من فلاسفة اليونان الذين قالوا بذلك : الطبيب اليوناني ألقمايون ( ق: 5 ق م )، فقد قال بألوهية الأجرام السماوية . و قال فيثاغورث ( ق:6 ق م ) بأن الأجرام السماوية كلها آلهة . و قال بتعددها أيضا أكسينوفانس ( ق: 5 ق م ) . و قال أفلاطون بتعدد الآلهة، منها آلهة علوية، و أخرى متوسطة ،و أخرى سفلية.
و فيما يتعلق بالجواهر المفارقة التي قال بها أرسطو ، فهي نفسها العقول الأزلية الإلهية ،و هي ذاتها الآلهة التي أشرنا إليها أعلاه ، و قد أكد ذلك ابن رشد الحفيد  . و قد قال بها أفلاطون في زعمه بأن الإله عندما صنع العالم جعل في كل كوكب من الكواكب نفسا تحركه و تديره، و هي نفوس إلهية عاقلة خالدة .
و أما بالنسبة لقول أرسطو بأزلية العالم و العناصر المكونة له، و الحركة المحركة له، و ،و إنكار الخلق من عدم ؛ فقد سبقته إلى القول بذلك طائفة من فلاسفة اليونان . فقال طاليس بأن العالم أزلي لا أول له و لا آخر ،و أنه على حاله دون تغيير في جميع أزمنته . و قال بذلك أيضا أنكسيمندرس ق: 6 ق م ) ،و أنكسيمنيس ( ق: ق 6 ق م ) ،و هرقليطس (ق: 5 ق م ) ، و الفيثاغوري فيلولاس الكروتوني-كان معاصرا لأفلاطون- ، و بارمانيدس ( ق: 5 ق م ) ، و أمبادوقليس(ق: 5 ق م) ، و أكسينوفانس (ق: 5 ق م ) . و قال أنكسمينيس ( ق: 6 ق م ) ، و أنكسيماندرس (ق: 6 ق م ): أن الحركة المحركة للعالم و المُسيرة له ، هي حركة أزلية.
و عن الخلق من عدم ، فقد أنكر فلاسفة اليونان القول بالخلق من عدم ، منهم : لوقسيس ،و تلميذه ديموقريطس ،و أفلاطون، و أمبادوقليس ، فكانوا يرون استحالة حدوث ذلك الخلق. و نحن قد ذكرنا مبررهم عندما ناقشنا أرسطو في قوله بذلك،و بينا خطأه فيه .

و قال بالعناصر الأربعة المكونة للعالم ( النار ، و الهواء ، و الماء ، و التراب ) طائفة من فلاسفة اليونان- قبل أرسطو- ، منهم : فيثاغورث ، و أمبادوقليس (ق : 5 ق م )  ، الذي قال أيضا بالعنصر الخامس الذي هو الأثير، و قد سماه الأثير الإلهي ،و قد حكاه عنه أرسطو في كتاب النفس ، و أشار إلى أنه هو أول من تحدث عن العناصر الأربعة. و منهم أيضا : أفلاطون ، و أكسينوفانس الذي كان يقول بعنصرين فقط ، هما: التراب و الماء .
و أُشير هنا إلى الصينيين القدماء قالوا بالعناصر الأربعة ،و أضافوا إليها عنصرا خامسا هو الخشب . ، الذي يتفاعل مع العناصر الأخرى على أساس التضاد الموجود بينها .
و الذين قالوا بتلك العناصر – قبل أرسطو - أشاروا إلى أنها تتفاعل فيما بينها على أساس التضاد الموجود بينها، و بذلك تظهر الموجودات و تختفي على أساس ذلك التفاعل . و قد أشار إليه الصينيون ،و أمبادوقليس، و أنكسامندرس ،و غيرهم .

و فيما يخص المادة الأولى المكونة للعالم التي قال بها أرسطو ،و المعروفة باسم الهيولى ، فقد قال بها أنكسيماندرس ( ق: 6 ق م ) قبله ، و زعم أنها مادة الكون الأولى أزلية لا نهائية ،و لا متعينة كيفا ،و لا محددة كماً ،و هي مادة بلا صفات ، و هي هلامية قابلة للتكون و التشكل حسب الأنواع لأن الفرق بينها هو فرق كيفي ،و لو كانت مُحددة لكانت (( اُستنفدت منذ فترة طويلة في خلق العوالم المتعددة و فنائها )) .


تلك هي أهم أصول إلهيات أرسطو ،




توفي الاسكندر سنة 323ق.م،ووقعت حكومة اثينا بين ايدي أعداء المقدونيين " وأرسطو من انصار المقدونيين " فدبر له اعداؤه تهمة الإلحاد . فخشي الاضطهاد والمصير الذي آل اليه سقراط من قبله فهرب إلى مدينة خلسيس حيث اصيب بمرض بعد ذلك بسنةحيث اصيب بمرض بعد ذلك بسنه فمات في سن الثالثة والستين . سنة 322 ق.م .